• أسباب النزول
  • معانى الكلمات
  • المكتبة الصوتية
  • 5
1 2 3 4 5

أسباب نزول سور القرآن

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الكريم الوهاب هازم الأحزاب ومنشئ السحاب ومرسل الهباب ومنزل الكتاب. في حوادث مختلفة الأسباب أنزله مفرقاً نجوماً وأودعه أحكاماً وعلوماً قال عز من قائل: (وَقُرآَناً فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلى الناسِ عَلى مُكثٍ وَنَزَّلناهُ تَنزيلاً) أخبرنا الشيخ أبو بكر أحمد بن محمد الأصفهاني قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن حيان قال: حدثنا أبو يحيى الرازي قال: حدثنا سهل بن عثمان العسكري قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا أبو رجاء قال: سمعت الحسن يقول في قوله تعالى (وَقُرآناً فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلى الناسِ عَلى مُكث) ذكر لنا أنه كان بين أوله وآخره ثماني عشرة سنة أنزل عليه بمكة ثماني سنين قبل أن يهاجر وبالمدينة عشر سنين.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الكريم الوهاب هازم الأحزاب ومنشئ السحاب ومرسل الهباب ومنزل الكتاب. في حوادث مختلفة الأسباب أنزله مفرقاً نجوماً وأودعه أحكاماً وعلوماً قال عز من قائل: (وَقُرآَناً فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلى الناسِ عَلى مُكثٍ وَنَزَّلناهُ تَنزيلاً) أخبرنا الشيخ أبو بكر أحمد بن محمد الأصفهاني قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن حيان قال: حدثنا أبو يحيى الرازي قال: حدثنا سهل بن عثمان العسكري قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا أبو رجاء قال: سمعت الحسن يقول في قوله تعالى (وَقُرآناً فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلى الناسِ عَلى مُكث) ذكر لنا أنه كان بين أوله وآخره ثماني عشرة سنة أنزل عليه بمكة ثماني سنين قبل أن يهاجر وبالمدينة عشر سنين.

أخبرنا أحمد قال: أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا أبو يحيى الرازي قال: حدثنا سهل قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير عن هشيم عن داود عن الشعبي قال: فرق الله تنزيله فكان بين أوله وآخره عشرون أو نحو من عشرين سنة أنزله قرآناً عظيماً وذكراً حكيماً وحبلاً ممدوداً وعهداً معهوداً وظلاً عميماً وصراطاً مستقيماً فيه معجزات باهرة وآيات ظاهرة وحجج صادقة ودلالات ناطقة دحض به حجج المبطلين ورد به كيد الكائدين وأيد به الإسلام والدين فلمع منهاجه وثقب سراجه وشملت بركته ولمعت حكمته على خاتم الرسالة والصادع بالدلالة الهادي للأمة الكاشف للغمة الناطق بالحكمة المبعوث بالرحمة فرفع أعلام الحق وأحيا معالم الصدق ودمغ الكذب ومحا آثاره وقمع الشرك وهدم مناره ولم يزل يعارض ببيناته المشركين حتى مهد الدين وأبطل شبه الملحدين صلى الله عليه صلاة لا ينتهي أمدها ولا ينقطع مددها وعلى آله وأصحابه الذين هداهم وطهرهم وبصحبته خصهم وآثرهم وسلم كثيراً.

وبعد هذا فإن علوم القرآن غزيرة وضروبها جمة كثيرة يقصر عنها القول وإن كان بالغاً ويتقلص عنها ذيله وإن كان سابغاً وقد سبقت لي ولله الحمد مجموعات تشتمل على أكثرها وتنطوي على غررها وفيها لمن رام الوقوف عليها مقنع وبلاغ وعما عداها من جميع المصنوعات غنية وفراغ لاشتمالها على أعظمها محققاً وتأديته إلى متأمله متسقاً غير أن الرغبات اليوم عن علوم القرآن صادقة كاذبة فيها قد عجزت قوى الملام عن تلافيها فآل الأمر بنا إلى إفادة المبتدئين المتسترين بعلوم الكتاب إبانة ما أنزل فيه من الأسباب إذ هي أوفى ما يجب الوقوف عليها وأولى ما تصرف العناية إليها لامتناع معرفة تفسير الآية وقصد سبيلها دون الوقوف على قصتها وبيان نزلها. ولا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب وبحثوا عن علمها وجدوا في الطلاب وقد ورد الشرع بالوعيد للجاهل ذي العثار في هذا العلم بالنار.

أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن حامد العطار قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار قال: حدثنا ليث بن حماد قال: حدثنا أبو عوانة عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله r: (اتقوا الحديث إلا ما علمتم فإنه من كذب علي متعمداً فيتبوأ مقعده من النار ومن كذب على القرآن من غير علم فليتبوأ مقعده من النار) والسلف الماضون رحمهم الله كانوا من أبعد الغاية احترازاً عن القول في نزول الآية.

أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبد الله المخلدي قال: اخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال: أخبرنا أبو مسلم قال: حدثنا عبد الرحمن بن حماد قال: حدثنا أبو عمير عن محمد بن سيرين قال: سألت عبيدة عن آية من القرآن فقال: اتق الله وقل سداداً ذهب الذين يعلمون فيما أنزل القرآن. وأما اليوم فكل أحد يخترع شيئاً ويختلق إفكاً وكذباً ملقياً زمامه إلى الجهالة غير مفكر في الوعيد للجاهل بسبب الآية وذلك الذي حدا بي إلى إملاء هذا الكتاب الجامع للأسباب لينتهي إليه طالبوا هذا الشأن والمتكلمون في نزول القرآن فيعرفوا الصدق ويستغنوا عن التمويه والكذب ويجدوا في تحفظه بعد السماع والطلب ولا بد من القول أولاً في مبادئ الوحي وكيفية نزول القرآن ابتداء على رسول الله r وتعهد جبريل إياه بالتنزيل والكشف عن تلك الأحوال والقول فيها على طريق الإجمال ثم نفرع القول مفصلاً في سبب نزول كل آية روى لها سبب مقول مروي منقول والله تعالى الموفق للصواب والسداد والآخذ بنا عن العاثور إلى الجدد.

أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن إبراهيم المقري قال: أخبرنا عبد الله بن حامد الأصفهاني قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ قال: حدثني محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن ابن شهاب الزهري قال: أخبرني عروة عن عائشة أنها قالت اول ما بديء به رسول الله r من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء فكان يأتي حراء فيتحنث فيه وهو التعبد الليالي ذوات العدد ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى فجأه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال: اقرأ فقال رسول الله r: فقلت ما أنا بقارئ قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ فقلت: ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ فقلت: ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد فقال (اِقرَأ بِاِسمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَقَ) حتى بلغ ما لم يعلم فرجع بها يرجف فؤاده حتى دخل على خديجة فقال: زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال: يا خديجة ما لي وأخبرها الخبر وقال: قد خشيت علي فقالت له: كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق رواه البخاري عن يحيى بن بكير ورواه مسلم عن محمد بن رافع كلاهما عن عبد الرزاق.

أخبرنا الشريف إسماعيل بن الحسن بن محمد بن الحسين الطبري قال: أخبرنا جدي أبو حامد أحمد بن الحسن الحافظ قال: حدثنا عبد الرحمن بن بشر قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: إن أول ما نزل من القرآن (اِقرَأ بِاِسمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَقَ) رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه عن أبي بكر الصبغي عن بشر أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المقري قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الجرجاني قال: حدثنا نصر بن محمد الحافظ قال: أخبرنا محمد بن مخلد أن محمد بن إسحاق حدثهم قال: حدثنا يعقوب الدورقي قال: حدثنا أحمد بن نصر بن زياد قال: حدثنا علي بن الحسين بن واقد قال: حدثني أبي قال: حدثني يزيد النحوي عن عكرمة والحسن قالا: أول ما نزل من القرآن (بِسمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحيمِ) فهو أول ما نزل من القرآن بمكة وأول سورة (اِقرَأ بِاِسمِ رَبِّكَ).

أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل التاجي قال: أخبرنا محمد بن محمد بن الحسن الحافظ قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا أبو صالح قال: حدثني الليث قال: حدثني عقيل عن ابن شهاب قال: أخبرني محمد بن عباد بن جعفر المخزومي أنه سمع بعض علمائهم يقول: كان أول ما أنزل الله على رسوله r (اِقرَأ بِاِسمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَقَ خَلَقَ الِإنسانَ ِمن عَلَقٍٍ اِقرَأَ وَرَبُّكَ الأَكرَمُ الَّذي عَلَمَ بِالقَلَمِ عَلَّمَ الِإنسانَ ما لَم يَعلَم) قالوا هذا صدرها أنزل على رسول الله r يوم حراء ثم أنزل آخرها بعد ذلك بما شاء الله. فأما الحديث الصحيح الذي روى أن أول ما نزل سورة المدثر فهو ما أخبرناه الأستاذ أبو إسحاق الثعالبي قال: حدثنا عبد الله بن حامد قال: حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا أحمد بن عيسى بن زيد البينسي قال: حدثنا عمرو بن أبي سلمة عن الأوزاعي قال: حدثني يحيى بن أبي كثير قال: سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن: أي القرآن أنزل قبل قال: يا أيها المدثر: قلت: أو اقرأ باسم ربك قال: سألت جابر بن عبد الله الأنصاري: أي القرآن أنزل قبل قال: يا أيها المدثر قال قلت: أو اقرأ باسم ربك. قال جابر: أحدثكم ما حدثنا رسول الله r قال رسول الله r (إني جاورت بحراء شهراً فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت بطن الوادي فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي ثم نظرت إلى السماء فإذا هو على الفرش في الهواء يعني جبريل فأخذتني رجفة فأتيت خديجة فأمرتهم فدثروني ثم صبوا علي الماء فأنزل الله علي (يا أَيُّها المُدَّثِّرُ قُم فَأَنذِر) رواه مسلم عن زهير بن حرب عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي وهذا ليس بمخالف لما ذكرناه أولاً وذلك أن جابراً لما سمع من النبي r القصة الأخيرة ولم يسمع أولها فتوهم أن سورة المدثر أول ما نزل وليس كذلك ولكنها أول ما نزل عليه بعد سورة اقرأ.

والذي يدل على هذا ما أخبرنا أبو عبد الرحمن بن حامد قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن الزهري قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن جابر قال: سمعت النبي r وهو يحدث عن فترة الوحي فقال في الحديث:

(فبينما أنا أمشي سمعت صوتاً من السماء فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالساً على كرسي بين السماء والأرض فجثثت منه رعباً فرجعت فقلت: زملوني زملوني فدثروني فأنزل الله يا أيها المدثر) رواه البخاري عن عبد الله بن محمد. ورواه مسلم عن محمد بن رافع كلاهما عن عبد الرزاق وبان بهذا الحديث أن الوحي كان قد فتر بعد نزول اقرأ باسم ربك ثم نزل يا أيها المدثر. والذي يوضح ما قلنا إخبار النبي r أن الملك الذي جاء بحراء جالس فدل على أن هذه القصة إنما كانت بعد نزول اقرأ.

أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد المقري قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقري قال: حدثنا أبو الشيخ قال: حدثنا أحمد بن سليمان بن أيوب قال: حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن سفيان قال: حدثنا علي بن الحسين بن واقد قال: حدثني أبي قال: سمعت علي بن الحسين يقول: أول سورة نزلت على رسول الله r بمكة: اقرأ باسم ربك وآخر سورة نزلت على رسول الله r بمكة: المؤمنون ويقال العنكبوت وأول سورة نزلت بالمدينة: ويل للمطففين وآخر سورة نزلت في المدينة براءة وأول سورة علمها رسول الله r بمكة: والنجم وأشد آية على أهل النار (فَذوقوا فَلَن نَزيدَكُم إِلاعَذابا) وأرجى آية في القرآن لأهل التوحيد (إِنَّ اللهَ لايَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ ما دونَ ذَلِكَ) الآية. وآخر آية نزلت على رسول الله r (وَاِتَّقوا يَوماً تُرجَعونَ فيهِ إِلى اللهِ) وعاش النبي r بعدها تسع ليال.

وقال النووي في قوله r: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر كقوله الله تعالى: (وَثَمانِيَةَ أَيّامٍ) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول:

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ قال: حدثنا محمد قال: أخبرنا أبو عمرو بن مطر قال: أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي قال: حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا شعبة قال: حدثنا أبو إسحاق قال: سمعت البراء بن عازب يقول: آخر آية نزلت (يَستَفتونَكَ قُلِ اللهُ يُفتيكُم في الكَلالَةِ) وآخر سورة أنزلت: براءة. رواه البخاري في التفسير عن سليمان بن حرب عن شعبة. ورواه في موضع آخر عن أبي الوليد. ورواه مسلم عن بندار عن غندر عن شعبة.

أخبرنا أبو بكر التميمي قال: أخبرنا أبو محمد الجياني قال: حدثنا أبو يحيى الرازي قال: حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثنا ابن المبارك عن جبير عن الضحاك عن ابن عباس قال: آخر آية نزلت (وَاِتَّقوا يَوماً تُرجَعونَ فيهِ إِلى اللهِ).

أخبرنا محمد بن عبد الرحمن النحوي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن سنان المقري قال: أخبرنا أحمد بن علي الموصلي قال: حدثنا أحمد بن الأحمش قال: حدثنا محمد بن فضيلة قال: حدثنا الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله (وَاِتَّقوا يَوماً تُرجَعونَ فيهِ إِلى اللهِ) قال: ذكروا هذه الآية وآخر آية من سورة النساء نزلت آخر القرآن.

أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الصوفي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب قال: حدثنا الحسن بن عبد الله العبدي قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا شعبة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس عن أبي بن كعب أنه قال: آخر آية نزلت على عهد رسول الله r (لَقَد جاءَكُم رَسولُ مِّن أَنفُسِكُم) وقرأها إلى آخر السورة رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه عن الأصم عن بكار بن قتيبة عن أبي عامر العقدي عن شعبة.

أخبرني أبو عمرو محمد بن العزيز في كتابه أن محمد بن الحسين الحدادي أخبرهم عن محمد بن يزيد قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا وكيع عن شعبة عن علي بن يزيد عن يونس بن ماهك عن أبي بن كعب قال: أحدث القرآن بالله عهداً (لَقَد جاءَكُم رَسولٌ مِّن أَنفُسِكُم) الآية وأول يوم أنزل فيه يوم الإثنين أخبرنا أبو إسحاق الثعالبي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن زكريا الشيباني قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي قال: حدثنا بن أبي خثيم قال: حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا مهدي بن ميمون قال: حدثنا غيلان بن جرير عن عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة أن رجلاً قال: يا رسول الله أرأيت صوم يوم الإثنين قال فيه أنزل القرآن وأول شهر أنزل فيه القرآن شهر رمضان قال الله تعالى ذكره (شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أُنزِلَ فيهِ القُرآنُ) أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان النضروي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن مياسر قال: حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله قال: حدثنا عبد الله بن جابر بن الهيثم الغداني قال: حدثنا عمران عن قتادة عن أبي المليح عن واثلة أن النبي r قال: (نزلت صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان وأنزل التوراة لست مضين من رمضان وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من شهر رمضان وأنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان)

أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المقري قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الجرجاني قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الرحمن الجوهري قال: حدثنا محمد بن يحيى بن منده قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: حدثنا بشر بن عمار عن أبي رزق عن الضحاك عن ابن عباس أنه قال: أول ما نزل به جبريل على النبي r قال: يا محمد استعذ ثم قل ( بسم الله الرحمن الرحيم).

أخبرنا أبو عبد الله بن إسحاق قال: حدثنا إسماعيل بن أحمد الخلال قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن زيدان البجلي قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كان رسول الله r لا يعرف ختم السورة حتى ينزل عليه (بِسمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحيمِ).

أخبرنا عبد القادر بن طاهر البغدادي قال: أخبرنا محمد بن جعفر بن مطر قال: أخبرنا إبراهيم بن علي الرملي قال: حدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا عمرو بن الحجاج العبدي عن عبد الله بن أبي حسين ذكر عن عبد الله بن مسعود قال: كنا لا نعلم فصل ما بين السورتين حتى نزل (بِسمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحيمِ).

أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن جعفر قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا أبو عمرو أحمد بن محمد الجرشي قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن عيسى بن أبي فديك عن عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر قال: نزلت (بِسمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحيمِ) في كل سورة اختلفوا فيها فعند الأكثرين هي مكية من أوائل ما نزل من القرآن.



الأحزاب

بسم اللَّهِ الرحمن الرحيم. قوله تعالى (يا أَيُّها النَبِيُّ اِتَّقِِ اللهَ وَلا تُطِعِ الكافِرينَ وَالمُنافِقينَ) الآية.

نزلت في أبي سفيان وعكرمة بن أبي جهل وأبي الأعور السلمي قدموا المدينة بعد قتال أحد فنزلوا على عبد الله بن أبي وقد أعطاهم النبي r الأمان على أن يكلموه فقام معهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح وطعمة بن أبيرق فقالوا للنبي r وعنده عمر بن الخطاب: ارفض ذكر آلهتنا اللات والعزى ومنات وقل إن لها شفاعة ومنفعة لمن عبدها وندعك وربك فشق على النبي r قولهم فقال عمر بن الخطاب: رضي الله عنه ائذن لنا يا رسول الله في قتلهم فقال: إني قد أعطيتهم الأمان فقال عمر: اخرجوا في لعنة الله وغضبه فأمر رسول الله r أن يخرجهم من المدينة فأنزل الله عز وجل هذه الآية.

قوله تعالى (مّا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلبَينِ في جَوفِهِ) نزلت في جميل بن معمر الفهري وكان رجلاً لبيباً حافظاً لما سمع فقالت قريش: ما حفظ هذه الأشياء إلا وله قلبان وكان يقول: إن لي قلبين أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد عليه الصلاة والسلام فلما كان يوم بدر وهزم المشركون وفيهم يومئذ جميل بن معمر تلقاه أبو سفيان وهو معلق إحدى نعليه بيده والأخرى في رجله فقال له: يا أبا معمر ما حال الناس قال: انهزموا قال: فما بالك إحدى نعليك في يدك والأخرى في رجلك قال: ما شعرت إلا أنهما في رجلي وعرفوا يومئذ أنه لو كان له قلبان لما نسي نعله في يده.

قوله تعالى (وَما جَعَلَ أَدعِياءَكُم أَبناءُكُم) نزلت في زيد بن حارثة كان عند رسول الله r فأعتقه وتبناه قبل الوحي فلما تزوج النبي عليه الصلاة والسلام زينب بنت جحش وكانت تحت زيد بن حارثة قالت اليهود والمنافقون: تزوج محمد عليه الصلاة والسلام امرأة ابنه وهو ينهى الناس عنها فأنزل الله تعالى هذه الآية.

أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن نعيم الاشكابي قال أخبرنا الحسن بن أحمد بن محمد بن علي بن مخلد قال: أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: أخبرنا يعقوب بن عبد الرحمن عن موسى بن عقبة عن سالم عن عبد الله يزعم أنه كان يقول: ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيداً بن محمد حتى نزلت في القرآن (اُدعُوهُم لِآبائِهِم هُوَ أَقسَطُ عِندَ اللهِ) رواه البخاري عن معلى بن أسد عن عبد الرحمن بن المختار عن موسى بن عقبة.

قوله تعالى (يا أَيُّها النَبِيِّ قُل لِأَزواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ المُؤمِنينَ يُدنينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلابيبِهِنَّ) الآية.

أخبرنا سعيد بن محمد المؤذن قال: أخبرنا أبو علي الفقيه قال: أخبرنا أحمد بن الحسين بن الجنيد قال: أخبرنا زياد بن أيوب قال: أخبرنا هشيم بن حصين عن أبي مالك قال: كانت نساء المؤمنين يخرجن بالليل إلى حاجاتهن وكان المنافقون يتعرضون لهن ويؤذونهن فنزلت هذه الآية وقال السدي: كانت المدينة ضيقة المنازل وكان النساء إذا كان الليل خرجوا فقضين الحاجة وكان فساق من فساق المدينة يخرجون فإذا رأوا المرأة عليها قناع قالوا هذه حرة فتركوها وإذا رأوا المرأة بغير قناع قالوا هذه أمة فكانوا يراودونها فأنزل الله تعالى هذه الآية.

قوله تعالى (مِّنَ المُؤمِنينَ رِجالٌ صَدَقوا ما عاهَدوا اللهَ عَلَيهِ) أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم قال: أخبرنا عبد الله بن خالد قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: أخبرنا عبد الله بن هاشم قال: أخبرنا بهز بن أسد قال: أخبرنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال: غاب عمي أنس بن النضر وبه سميت أنساً عن قتال بدر فشق عليه لما قدم وقال: غبت عن أول مشهد شهده رسول الله r والله لئن أشهدني الله سبحانه قتالاً ليرين الله ما أصنع فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء المشركون وأعتذر إليك فيما صنع هؤلاء يعني المسلمين ثم مشى بسيفه فلقيه سعد بن معاذ فقال: أي سعد والذي نفسي بيده إني لأجد ريح الجنة دون أحد فقاتلهم حتى قتل قال أنس: فوجدناه بين القتلى به بضع وثمانون جراحة من بين ضربة بالسيف وطعنة بالرمح ورمية بالسهم وقد مثلوا به وما عرفناه حتى عرفته أخته ببنانه ونزلت هذه الآية (مِّنَ المُؤمِنينَ رِجالٌ صَدَقوا ما عاهَدوا اللهَ) قال: وكنا نقول: أنزلت هذه الآية فيه وفي أصحابه. رواه مسلم عن محمد بن حاتم عن بهز بن أسد.

أخبرنا سعد بن أحمد بن جعفر المؤذن قال: أخبرنا أبو علي بن أبي بكر الفقيه قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الزيارجي قال: أخبرنا بندار قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثني أبي ثمامة عن أنس بن مالك قال: نزلت هذه الآية في أنس بن النضر (مِّنَ المُؤمِنينَ رِجالٌ صَدَقوا ما عاهَدوا اللهَ عَلَيهِ) رواه البخاري عن بندار.

قوله تعالى (فَمِنهُم مَّن قَضى نَحبَهُ) نزلت في طلحة بن عبيد الله ثبت مع رسول الله r يوم أحد حتى أصيبت يده فقال رسول الله r : اللهم أوجب لطلحة الجنة.

أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله التميمي قال: أخبرنا أبو الشيخ الحافظ قال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن نصر الرازي قال: أخبرنا العباس بن إسماعيل الرقي قال: أخبرنا إسماعيل بن يحيى البغدادي عن أبي سنان عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي قال: قالوا: أخبرنا عن طلحة قال ذلك امرؤ نزلت فيه آية من كتاب الله تعالى (فَمِنهُم مَّن قَضى نَحبَهُ وَمِنهُم مَّن يَنتَظِرُ) طلحة ممن قضى نحبه لا حساب عليه فيما يستقبل.

أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان قال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالك قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: أخبرنا وكيع عن طلحة بن يحيى عن عيسى بن طلحة أن النبي r مر عليه طلحة فقال: هذا ممن قضى نحبه.

قوله تعالى (إِنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ) الآية. أخبرنا أبو بكر الحارثي قال: أخبرنا أبو محمد بن حيان قال: أخبرني أحمد بن عمرو بن أبي عاصم قال: أخبرنا أبو الربيع الزهراني قال: أخبرني عمار بن محمد الثوري قال: أخبرنا سفيان عن أبي الحجاف عن عطية عن أبي سعيد (إِنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهيراً) قال: نزلت في خمسة في النبي r وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام.

أخبرنا أبو سعد النضوي قال: أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: أخبرنا ابن نمير قال: أخبرنا عبد الملك عن عطاء بن أبي رباح قال: حدثني من سمع أم سليم تذكر النبي أن النبي r كان في بيتها فأتته فاطمة رضي الله عنها ببرمة فيها خزيرة فدخلت بها عليه فقال لها: ادعي لي زوجك وابنيك قالت: فجاء علي وحسن وحسين فدخلوا فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة وهو على منامة له وكان تحته كساء حبري قالت: وأنا في الحجرة أصلي فأنزل الله تعالى هذه الآية (إِنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُم الرِجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهيراً) قالت: فأخذ فضل الكساء فغشاهم به ثم أخرج يديه فألوى بهما إلى السماء ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا قال: فأدخلت رأسي البيت وقلت: أنا معكم يا رسول الله قال: إنك إلى خير إنك إلى خير.

أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد السراج قال: أخبرنا محمد بن يعقوب قال: أخبرنا الحسن بن علي بن عفان قال: أخبرنا أبو يحيى الحماني عن صالح بن موسى القرشي عن خصيف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: أنزلت هذه الآية في نساء النبي r (إِنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُم الرِجسَ أَهلَ البَيتِ).

أخبرنا عقيل بن محمد الجرجاني فيما أجاز لي لفظاً قال: أخبرنا المعافى بن زكريا القاضي قال: أخبرنا محمد بن جرير قال: أخبرنا ابن حميد قال: أخبرنا يحيى بن واضح قال: أخبرنا الأصبغ عن علقمة عن عكرمة في قوله تعالى (إِنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُم الرِجسَ أَهلَ البَيتِ) قال: ليس الذين يذهبون إليه إنما هي أزواج النبي عليه الصلاة والسلام قال: وكان عكرمة ينادي هذا في السوق.

قوله تعالى (إِنَّ المُسلِمينَ وَالمُسلِماتِ) الآية. قال مقاتل بن حيان: بلغني أن أسماء بنت عميس لما رجعت من الحبشة معها زوجها جعفر بن أبي طالب دخلت على نساء النبي r فقالت: هل نزل فينا شيء من القرآن قلن لا فأتت النبي r فقالت: يا رسول الله إن النساء لفي خيبة وخسارة قال: ومم ذلك قالت: لأنهن لا يذكرن في الخير كما يذكر الرجال فأنزل الله تعالى (إِنَّ المُسلِمينَ وَالمُسلِماتِ) إلى آخرها.

وقال قتادة: لما ذكر الله تعالى أزواج النبي r دخل نساء من المسلمات عليهن فقلن: ذكرتن ولم نذكر ولو كان فينا خير لذكرنا فأنزل الله تعالى (إِنَّ المُسلِمينَ وَالمُسلِماتِ).

قوله تعالى (تُرجي مَن تَشاءُ مِنهُنَّ) الآية. قال المفسرون: حين غار بعض نساء النبي r وآذينه بالغيرة وطلبن زيادة النفقة فهجرهن رسول الله r شهراً حتى نزلت آية التخيير وأمر الله تعالى أن يخيرهن بين الدنيا والآخرة وأن يخلي سبيل من اختارت الدنيا ويمسك من اختارت الله سبحانه ورسوله على أنهن أمهات المؤمنين ولا ينكحن أبداً وعلى أن يؤوي إليه من يشاء ويرجي منهن من يشاء فرضين به قسم لهن أو لم يقسم أو فضل بعضهن على بعض بالنفقة والقسمة والعشرة ويكون الأمر في ذلك إليه يفعل ما يشاء فرضين بذلك كله فكان رسول الله r مع ما جعل الله تعالى له من التوسعة يسوي بينهن في القسمة.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المزكي قال: أخبرنا عبد الملك بن الحسن ابن يوسف السقطي. قال: أخبرنا أحمد بن يحيى الحلواني قال: أخبرنا يحيى بن معين قال: أخبرنا عباد بن عباد عن عاصم الأحول عن معاذة عن عائشة قالت: كان رسول الله r بعد ما نزلت (تُرجي مَن تَشاءُ مِنهُنَّ وَتُؤوي إِلَيكَ مَن تَشاءُ) يستأذننا إذا كان في يوم المرأة منا قالت: معاذة: ما كنت تقولين قالت: كنت أقول: إن كان ذلك إلي لم أوثر أحداً على نفسي.

رواه البخاري عن حيان بن موسى عن ابن المبارك. ورواه مسلم عن شريح بن يونس عن عباد كلاهما عن عاصم.

وقال قوم: لما نزلت آية التخيير أشفقن أن يطلقن فقلن: يا نبي الله اجعل لنا من مالك ونفسك ما شئت ودعنا على حالنا فنزلت هذه الآية.

أخبرنا عبد الرحمن بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد بن نعيم قال: محمد بن يعقوب الأخرم قال: أخبرنا محمد بن عبد الوهاب قال: أخبرنا محاضر بن المودع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها كانت تقول لنساء النبي r : أما تستحي المرأة أن تهب نفسها فأنزل الله تعالى هذه الآية (تُرجي مَن تَشاءُ مِنهُنَّ وَتُؤوي إِلَيكَ مَن تَشاءُ) فقالت عائشة أرى ربك يسارع لك في هواك رواه البخاري عن زكريا بن يحيى ورواه مسلم قوله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَدخُلوا بُيوتَ النَبِيِّ) الآية. قال أكثر المفسرون: لما بنى رسول الله r بزينب بنت جحش أولم عليها بتمر وسويق وذبح شاة قال أنس: وبعثت إليه أمي أم سليم بحيس في تور من حجارة فأمرني رسول الله r أن أدعو أصحابه إلى الطعام فجعل القوم يجيئون فيأكلون فيخرجون ثم يجيء القوم فيأكلون فيخرجون فقلت: يا نبي الله قد دعوت حتى ما أجد أحداً أدعوه فقال: ارفعوا طعامكم فرفعوا وخرج القوم وبقي ثلاثة أنفار يتحدثون في البيت فأطالوا المكث فتأذى منهم رسول الله r وكان شديد الحياء فنزلت هذه الآية وضرب رسول الله r بيني وبينه ستراً.

أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الفقيه قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن أحمد الحيري قال: أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال: أخبرنا عبد الأعلى بن حماد النرسي قال: أخبرنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن أبي مجلز عن أنس بن مالك قال: لما تزوج النبي r زينب بنت جحش دعا القوم فطعموا ثم جلسوا يتحدثون. قال: فأخذ كأنه يتهيأ للقيام فلم يقوموا فلما رأى ذلك قام وقام من القوم من قام وقعد ثلاثة وأن النبي r جاء فدخل فإذا القوم جلوس وأنهم قاموا وانطلقوا فجئت واخبرت النبي r أنهم قد انطلقوا قال: فجاء حتى دخل قال: وذهبت أدخل فألقى الحجاب بيني وبينه وأنزل الله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَدخُلوا بُيوتَ النَبِيِّ إِلّا أَن يُؤذَنَ لَكُم إِلى طَعامٍ) الآية إلى قوله (إِنَّ ذَلِكُم كانَ عِندَ اللهِ عَظيماً) رواه البخاري عن محمد بن عبد الله الرقاشي ورواه مسلم عن يحيى بن حبيب الحارثي كلاهما عن المعتمر.

أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الواعظ قال: أخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن الخليل قال: أخبرنا هشام بن عمار قال: أخبرنا الخليل بن موسى قال: أخبرنا عبد الله بن عوف عن عمرو بن شعيب عن أنس بن مالك قال: كنت مع رسول الله r إذ مر على حجرة من حجره فرأى فيها قوماً جلوساً يتحدثون ثم عاد فدخل الحجرة وأرخى الستر دوني فجئت أبا طلحة فذكرت ذلك له فقال: لئن كان ما تقول حقاً لينزلن الله فيه قرآناً فأنزل الله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَدخُلوا بُيوتَ النَبِيِّ) الآية.

أخبرنا أحمد بن الحسين الحيري قال: أخبرنا حاجب بن أحمد قال: أخبرنا عبد الرحيم بن منيب قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا حميد عن أنس قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه قلت: يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فأنزل الله تعالى آية الحجاب. رواه البخاري عن مسدد عن يحيى بن أبي زائدة عن حميد. أخبرني أبو حكم الجرجاني فيما أجازني لفظاً قال: أخبرنا أبو الفرج القاضي قال: أخبرنا محمد بن جرى قال: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال: هشيم عن ليث عن مجاهد أن رسول الله r كان يطعم معه بعض أصحابه فأصابت يد رجل منهم يد عائشة وكانت معهم فكره النبي r فنزلت آية الحجاب.

قوله تعالى (وَلا تَنكِحوا أَزواجَهُ مِن بَعدِهِ أَبَداً). قال ابن عباس في رواية عطاء: قال رجل من سادة قريش: لو توفي رسول الله r لتزوجت عائشة فأنزل الله تعالى ما أنزل.

قوله تعالى (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلونَ عَلى النَبِيِّ). أخبرنا أبو سعيد عن ابن عمر النيسابوري قال: أخبرنا الحسن بن أحمد الخلدي قال: أخبرنا المؤمل بن الحسين بن عيسى قال: أخبرنا محمد بن يحيى قال: أخبرنا أبو حذيفة قال: أخبرنا سفيان عن الزبير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة قال: قيل للنبي r قد عرفنا السلام عليك وكيف الصلاة عليك فنزلت (إِِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلى النَبِيِّ يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليماً).

أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان العدل قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن عيسى الوشا قال: اخبرنا محمد بن يحيى الصولي قال: أخبرنا الرياشي عن الأصمعي قال: سمعت المهدي على منبر البصرة يقول: إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى بملائكته فقال (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلى النَبِيِّ يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليماً) آثره r بها من بين الرسل واختصكم بها من بين الأنام فقابلوا نعمة الله بالشكر.

سمعت الأستاذ أبا عثمان الواعظ يقول: سمعت الإمام سهل بن محمد بن سليمان يقول هذا التشريف الذي شرف الله تعالى به نبينا r بقوله (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلى النَبِيِّ) أبلغ وأتم من تشريف آدم بأمر الملائكة بالسجود له لأنه لا يجوز أن يكون الله مع الملائكة في ذلك التشريف وقد أخبر الله تعالى عن نفسه بالصلاة على النبي ثم عن الملائكة بالصلاة عليه فتشريف صدر عنه عنه أبلغ من تشريف تختص به الملائكة من غير جواز أن يكون الله معهم في ذلك والذي قاله سهل منتزع من قول المهدي ولعله رآه ونظر إليه فأخذه منه وشرحه وقابل ذلك بتشريف آدم وكان أبلغ وأتم منه وقد ذكر في الصحيح ما أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي قال: أخبرنا محمد بن عيسى بن عمرويه قال: أخبرنا إبراهيم بن سفيان قال: أخبرنا مسلم قال: أخبرنا قتيبة وعلي بن حجر قالا: أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله r قال: من صلى علي واحدة قوله تعالى (هُوَ الَّذي يُصَلي عَلَيكُم وَمَلائِكَتُهُ) قال مجاهد: لما نزلت (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلى النَبِيِّ) الآية قال أبو بكر: ما أعطاك الله تعالى من خير إلا أشركنا فيه فنزلت (هُوَ الَّذي يُصَلّي عَليكُم وَمَلائِكَتُهُ).

قوله تعالى (وَالَّذينَ يُؤذونَ المُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ بِغَيرِ ما اِكتَسَبوا) قال عطاء: عن ابن عباس رأى عمر رضي الله عنه جارية من الأنصار متبرجة فضربها وكره ما رأى من زينتها فذهبت إلى أهلها تشكو عمر فخرجوا إليه فآذوه فأنزل الله تعالى هذه الآية.

وقال مقاتل: نزلت في علي بن أبي طالب وذلك أن أناساً من المنافقين كانوا يؤذونه ويسمعونه.

وقال الضحاك والسدي والكلبي: نزلت في الزناة الذين كانوا يمشون في طرق المدينة يتبعون النساء إذا برزن بالليل لقضاء حوائجهن فيرون المرأة فيدنون منها فيغمزونها فمن سكتت اتبعوها وإن زجرتهم انتهوا عنها ولم يكونوا يطلبون إلا الإماء ولكن لم يكن يومئذ تعرف الحرة من الأمة إنما يخرجن في درع وخمار فشكون ذلك إلى أزواجهن فذكروا ذلك لرسول الله r فأنزل الله تعالى هذه الآية الدليل على صحة هذا.

سبأ

Panel content

فاطر

Panel content

يس

بسم اللَّهِ الرحمن الرحيم. قوله تعالى (إِنّا نَحنُ نُحيي المَوتى وَنَكتُبُ ما قَدَّموا وَآَثارَهُم) الآية.

قال أبو سعيد الخدري: كان بنو سلمة في ناحية من نواحي المدينة فأرادوا أن ينتقلوا إلى قرب المسجد فنزلت هذه الآية (إِنّا نَحنُ نُحيي المَوتى وَنَكتُبُ ما قَدَّموا وَآَثارَهُم) فقال لهم النبي r : إن آثاركم تكتب فلم تنتقلون.

أخبرنا الشريف إسماعيل بن الحسن بن محمد بن الحسن الطبري قال: حدثني جدي قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن الشرقي قال: حدثنا عبد الرحمن بن بشر قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا الثوري عن سعد بن الظريف عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: شكت بنو سلمة إلى رسول الله r بعد منازلهم من المسجد فأنزل الله تعالى (وَنَكتُبُ ما قَدَّموا وَآَثارَهُم) فقال النبي r : عليكم منازلكم فإنما تكتب آثاركم.

قوله تعالى (قالَ مَن يُحيي العِظامَ وَهِيَ رَميمٌ) قال المفسرون: إن أبي بن خلف أتى النبي r بعظم حائل فقال: يا محمد أترى الله يحيي هذا بعد ما قد رم فقال: نعم ويبعثك ويدخلك في النار فأنزل الله تعالى هذه الآية (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلقَهُ قالَ مَن يُحيي العِظامَ وَهِيَ رَميمٌ).

أخبرنا سعيد بن محمد بن جعفر قال: أخبرنا أبو علي بن أبي بكر الفقيه قال: أخبرنا أحمد بن الحسين بن الجنيد قال: حدثنا زياد بن أيوب قال: حدثنا هشيم قال: حدثنا حصين عن أبي مالك أن أبي بن خلف الجمحي جاء إلى رسول الله r بعظم حائل ففتته بين يديه وقال: يا محمد يبعث الله هذا بعد ما أرم قال: نعم يبعث الله هذا ويميتك ثم يحييك ثم يدخلك نار جهنم فنزلت هذه الآيات.