أسباب نزول سور القرآن
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الكريم الوهاب هازم الأحزاب ومنشئ السحاب ومرسل الهباب ومنزل الكتاب. في حوادث مختلفة الأسباب أنزله مفرقاً نجوماً وأودعه أحكاماً وعلوماً قال عز من قائل: (وَقُرآَناً فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلى الناسِ عَلى مُكثٍ وَنَزَّلناهُ تَنزيلاً) أخبرنا الشيخ أبو بكر أحمد بن محمد الأصفهاني قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن حيان قال: حدثنا أبو يحيى الرازي قال: حدثنا سهل بن عثمان العسكري قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا أبو رجاء قال: سمعت الحسن يقول في قوله تعالى (وَقُرآناً فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلى الناسِ عَلى مُكث) ذكر لنا أنه كان بين أوله وآخره ثماني عشرة سنة أنزل عليه بمكة ثماني سنين قبل أن يهاجر وبالمدينة عشر سنين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الكريم الوهاب هازم الأحزاب ومنشئ السحاب ومرسل الهباب ومنزل الكتاب. في حوادث مختلفة الأسباب أنزله مفرقاً نجوماً وأودعه أحكاماً وعلوماً قال عز من قائل: (وَقُرآَناً فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلى الناسِ عَلى مُكثٍ وَنَزَّلناهُ تَنزيلاً) أخبرنا الشيخ أبو بكر أحمد بن محمد الأصفهاني قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن حيان قال: حدثنا أبو يحيى الرازي قال: حدثنا سهل بن عثمان العسكري قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا أبو رجاء قال: سمعت الحسن يقول في قوله تعالى (وَقُرآناً فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلى الناسِ عَلى مُكث) ذكر لنا أنه كان بين أوله وآخره ثماني عشرة سنة أنزل عليه بمكة ثماني سنين قبل أن يهاجر وبالمدينة عشر سنين.
أخبرنا أحمد قال: أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا أبو يحيى الرازي قال: حدثنا سهل قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير عن هشيم عن داود عن الشعبي قال: فرق الله تنزيله فكان بين أوله وآخره عشرون أو نحو من عشرين سنة أنزله قرآناً عظيماً وذكراً حكيماً وحبلاً ممدوداً وعهداً معهوداً وظلاً عميماً وصراطاً مستقيماً فيه معجزات باهرة وآيات ظاهرة وحجج صادقة ودلالات ناطقة دحض به حجج المبطلين ورد به كيد الكائدين وأيد به الإسلام والدين فلمع منهاجه وثقب سراجه وشملت بركته ولمعت حكمته على خاتم الرسالة والصادع بالدلالة الهادي للأمة الكاشف للغمة الناطق بالحكمة المبعوث بالرحمة فرفع أعلام الحق وأحيا معالم الصدق ودمغ الكذب ومحا آثاره وقمع الشرك وهدم مناره ولم يزل يعارض ببيناته المشركين حتى مهد الدين وأبطل شبه الملحدين صلى الله عليه صلاة لا ينتهي أمدها ولا ينقطع مددها وعلى آله وأصحابه الذين هداهم وطهرهم وبصحبته خصهم وآثرهم وسلم كثيراً.
وبعد هذا فإن علوم القرآن غزيرة وضروبها جمة كثيرة يقصر عنها القول وإن كان بالغاً ويتقلص عنها ذيله وإن كان سابغاً وقد سبقت لي ولله الحمد مجموعات تشتمل على أكثرها وتنطوي على غررها وفيها لمن رام الوقوف عليها مقنع وبلاغ وعما عداها من جميع المصنوعات غنية وفراغ لاشتمالها على أعظمها محققاً وتأديته إلى متأمله متسقاً غير أن الرغبات اليوم عن علوم القرآن صادقة كاذبة فيها قد عجزت قوى الملام عن تلافيها فآل الأمر بنا إلى إفادة المبتدئين المتسترين بعلوم الكتاب إبانة ما أنزل فيه من الأسباب إذ هي أوفى ما يجب الوقوف عليها وأولى ما تصرف العناية إليها لامتناع معرفة تفسير الآية وقصد سبيلها دون الوقوف على قصتها وبيان نزلها. ولا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب وبحثوا عن علمها وجدوا في الطلاب وقد ورد الشرع بالوعيد للجاهل ذي العثار في هذا العلم بالنار.
أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن حامد العطار قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار قال: حدثنا ليث بن حماد قال: حدثنا أبو عوانة عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله r: (اتقوا الحديث إلا ما علمتم فإنه من كذب علي متعمداً فيتبوأ مقعده من النار ومن كذب على القرآن من غير علم فليتبوأ مقعده من النار) والسلف الماضون رحمهم الله كانوا من أبعد الغاية احترازاً عن القول في نزول الآية.
أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبد الله المخلدي قال: اخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال: أخبرنا أبو مسلم قال: حدثنا عبد الرحمن بن حماد قال: حدثنا أبو عمير عن محمد بن سيرين قال: سألت عبيدة عن آية من القرآن فقال: اتق الله وقل سداداً ذهب الذين يعلمون فيما أنزل القرآن. وأما اليوم فكل أحد يخترع شيئاً ويختلق إفكاً وكذباً ملقياً زمامه إلى الجهالة غير مفكر في الوعيد للجاهل بسبب الآية وذلك الذي حدا بي إلى إملاء هذا الكتاب الجامع للأسباب لينتهي إليه طالبوا هذا الشأن والمتكلمون في نزول القرآن فيعرفوا الصدق ويستغنوا عن التمويه والكذب ويجدوا في تحفظه بعد السماع والطلب ولا بد من القول أولاً في مبادئ الوحي وكيفية نزول القرآن ابتداء على رسول الله r وتعهد جبريل إياه بالتنزيل والكشف عن تلك الأحوال والقول فيها على طريق الإجمال ثم نفرع القول مفصلاً في سبب نزول كل آية روى لها سبب مقول مروي منقول والله تعالى الموفق للصواب والسداد والآخذ بنا عن العاثور إلى الجدد.
أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن إبراهيم المقري قال: أخبرنا عبد الله بن حامد الأصفهاني قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ قال: حدثني محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن ابن شهاب الزهري قال: أخبرني عروة عن عائشة أنها قالت اول ما بديء به رسول الله r من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء فكان يأتي حراء فيتحنث فيه وهو التعبد الليالي ذوات العدد ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى فجأه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال: اقرأ فقال رسول الله r: فقلت ما أنا بقارئ قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ فقلت: ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ فقلت: ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد فقال (اِقرَأ بِاِسمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَقَ) حتى بلغ ما لم يعلم فرجع بها يرجف فؤاده حتى دخل على خديجة فقال: زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال: يا خديجة ما لي وأخبرها الخبر وقال: قد خشيت علي فقالت له: كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق رواه البخاري عن يحيى بن بكير ورواه مسلم عن محمد بن رافع كلاهما عن عبد الرزاق.
أخبرنا الشريف إسماعيل بن الحسن بن محمد بن الحسين الطبري قال: أخبرنا جدي أبو حامد أحمد بن الحسن الحافظ قال: حدثنا عبد الرحمن بن بشر قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: إن أول ما نزل من القرآن (اِقرَأ بِاِسمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَقَ) رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه عن أبي بكر الصبغي عن بشر أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المقري قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الجرجاني قال: حدثنا نصر بن محمد الحافظ قال: أخبرنا محمد بن مخلد أن محمد بن إسحاق حدثهم قال: حدثنا يعقوب الدورقي قال: حدثنا أحمد بن نصر بن زياد قال: حدثنا علي بن الحسين بن واقد قال: حدثني أبي قال: حدثني يزيد النحوي عن عكرمة والحسن قالا: أول ما نزل من القرآن (بِسمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحيمِ) فهو أول ما نزل من القرآن بمكة وأول سورة (اِقرَأ بِاِسمِ رَبِّكَ).
أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل التاجي قال: أخبرنا محمد بن محمد بن الحسن الحافظ قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا أبو صالح قال: حدثني الليث قال: حدثني عقيل عن ابن شهاب قال: أخبرني محمد بن عباد بن جعفر المخزومي أنه سمع بعض علمائهم يقول: كان أول ما أنزل الله على رسوله r (اِقرَأ بِاِسمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَقَ خَلَقَ الِإنسانَ ِمن عَلَقٍٍ اِقرَأَ وَرَبُّكَ الأَكرَمُ الَّذي عَلَمَ بِالقَلَمِ عَلَّمَ الِإنسانَ ما لَم يَعلَم) قالوا هذا صدرها أنزل على رسول الله r يوم حراء ثم أنزل آخرها بعد ذلك بما شاء الله. فأما الحديث الصحيح الذي روى أن أول ما نزل سورة المدثر فهو ما أخبرناه الأستاذ أبو إسحاق الثعالبي قال: حدثنا عبد الله بن حامد قال: حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا أحمد بن عيسى بن زيد البينسي قال: حدثنا عمرو بن أبي سلمة عن الأوزاعي قال: حدثني يحيى بن أبي كثير قال: سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن: أي القرآن أنزل قبل قال: يا أيها المدثر: قلت: أو اقرأ باسم ربك قال: سألت جابر بن عبد الله الأنصاري: أي القرآن أنزل قبل قال: يا أيها المدثر قال قلت: أو اقرأ باسم ربك. قال جابر: أحدثكم ما حدثنا رسول الله r قال رسول الله r (إني جاورت بحراء شهراً فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت بطن الوادي فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي ثم نظرت إلى السماء فإذا هو على الفرش في الهواء يعني جبريل فأخذتني رجفة فأتيت خديجة فأمرتهم فدثروني ثم صبوا علي الماء فأنزل الله علي (يا أَيُّها المُدَّثِّرُ قُم فَأَنذِر) رواه مسلم عن زهير بن حرب عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي وهذا ليس بمخالف لما ذكرناه أولاً وذلك أن جابراً لما سمع من النبي r القصة الأخيرة ولم يسمع أولها فتوهم أن سورة المدثر أول ما نزل وليس كذلك ولكنها أول ما نزل عليه بعد سورة اقرأ.
والذي يدل على هذا ما أخبرنا أبو عبد الرحمن بن حامد قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن الزهري قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن جابر قال: سمعت النبي r وهو يحدث عن فترة الوحي فقال في الحديث:
(فبينما أنا أمشي سمعت صوتاً من السماء فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالساً على كرسي بين السماء والأرض فجثثت منه رعباً فرجعت فقلت: زملوني زملوني فدثروني فأنزل الله يا أيها المدثر) رواه البخاري عن عبد الله بن محمد. ورواه مسلم عن محمد بن رافع كلاهما عن عبد الرزاق وبان بهذا الحديث أن الوحي كان قد فتر بعد نزول اقرأ باسم ربك ثم نزل يا أيها المدثر. والذي يوضح ما قلنا إخبار النبي r أن الملك الذي جاء بحراء جالس فدل على أن هذه القصة إنما كانت بعد نزول اقرأ.
أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد المقري قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقري قال: حدثنا أبو الشيخ قال: حدثنا أحمد بن سليمان بن أيوب قال: حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن سفيان قال: حدثنا علي بن الحسين بن واقد قال: حدثني أبي قال: سمعت علي بن الحسين يقول: أول سورة نزلت على رسول الله r بمكة: اقرأ باسم ربك وآخر سورة نزلت على رسول الله r بمكة: المؤمنون ويقال العنكبوت وأول سورة نزلت بالمدينة: ويل للمطففين وآخر سورة نزلت في المدينة براءة وأول سورة علمها رسول الله r بمكة: والنجم وأشد آية على أهل النار (فَذوقوا فَلَن نَزيدَكُم إِلاعَذابا) وأرجى آية في القرآن لأهل التوحيد (إِنَّ اللهَ لايَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ ما دونَ ذَلِكَ) الآية. وآخر آية نزلت على رسول الله r (وَاِتَّقوا يَوماً تُرجَعونَ فيهِ إِلى اللهِ) وعاش النبي r بعدها تسع ليال.
وقال النووي في قوله r: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر كقوله الله تعالى: (وَثَمانِيَةَ أَيّامٍ) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول:
صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا يتوقف فيه إلا جاهل غبي.
والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.
أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ قال: حدثنا محمد قال: أخبرنا أبو عمرو بن مطر قال: أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي قال: حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا شعبة قال: حدثنا أبو إسحاق قال: سمعت البراء بن عازب يقول: آخر آية نزلت (يَستَفتونَكَ قُلِ اللهُ يُفتيكُم في الكَلالَةِ) وآخر سورة أنزلت: براءة. رواه البخاري في التفسير عن سليمان بن حرب عن شعبة. ورواه في موضع آخر عن أبي الوليد. ورواه مسلم عن بندار عن غندر عن شعبة.
أخبرنا أبو بكر التميمي قال: أخبرنا أبو محمد الجياني قال: حدثنا أبو يحيى الرازي قال: حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثنا ابن المبارك عن جبير عن الضحاك عن ابن عباس قال: آخر آية نزلت (وَاِتَّقوا يَوماً تُرجَعونَ فيهِ إِلى اللهِ).
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن النحوي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن سنان المقري قال: أخبرنا أحمد بن علي الموصلي قال: حدثنا أحمد بن الأحمش قال: حدثنا محمد بن فضيلة قال: حدثنا الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله (وَاِتَّقوا يَوماً تُرجَعونَ فيهِ إِلى اللهِ) قال: ذكروا هذه الآية وآخر آية من سورة النساء نزلت آخر القرآن.
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الصوفي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب قال: حدثنا الحسن بن عبد الله العبدي قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا شعبة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس عن أبي بن كعب أنه قال: آخر آية نزلت على عهد رسول الله r (لَقَد جاءَكُم رَسولُ مِّن أَنفُسِكُم) وقرأها إلى آخر السورة رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه عن الأصم عن بكار بن قتيبة عن أبي عامر العقدي عن شعبة.
أخبرني أبو عمرو محمد بن العزيز في كتابه أن محمد بن الحسين الحدادي أخبرهم عن محمد بن يزيد قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا وكيع عن شعبة عن علي بن يزيد عن يونس بن ماهك عن أبي بن كعب قال: أحدث القرآن بالله عهداً (لَقَد جاءَكُم رَسولٌ مِّن أَنفُسِكُم) الآية وأول يوم أنزل فيه يوم الإثنين أخبرنا أبو إسحاق الثعالبي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن زكريا الشيباني قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي قال: حدثنا بن أبي خثيم قال: حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا مهدي بن ميمون قال: حدثنا غيلان بن جرير عن عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة أن رجلاً قال: يا رسول الله أرأيت صوم يوم الإثنين قال فيه أنزل القرآن وأول شهر أنزل فيه القرآن شهر رمضان قال الله تعالى ذكره (شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أُنزِلَ فيهِ القُرآنُ) أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان النضروي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن مياسر قال: حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله قال: حدثنا عبد الله بن جابر بن الهيثم الغداني قال: حدثنا عمران عن قتادة عن أبي المليح عن واثلة أن النبي r قال: (نزلت صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان وأنزل التوراة لست مضين من رمضان وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من شهر رمضان وأنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان)
أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المقري قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الجرجاني قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الرحمن الجوهري قال: حدثنا محمد بن يحيى بن منده قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: حدثنا بشر بن عمار عن أبي رزق عن الضحاك عن ابن عباس أنه قال: أول ما نزل به جبريل على النبي r قال: يا محمد استعذ ثم قل ( بسم الله الرحمن الرحيم).
أخبرنا أبو عبد الله بن إسحاق قال: حدثنا إسماعيل بن أحمد الخلال قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن زيدان البجلي قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كان رسول الله r لا يعرف ختم السورة حتى ينزل عليه (بِسمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحيمِ).
أخبرنا عبد القادر بن طاهر البغدادي قال: أخبرنا محمد بن جعفر بن مطر قال: أخبرنا إبراهيم بن علي الرملي قال: حدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا عمرو بن الحجاج العبدي عن عبد الله بن أبي حسين ذكر عن عبد الله بن مسعود قال: كنا لا نعلم فصل ما بين السورتين حتى نزل (بِسمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحيمِ).
أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن جعفر قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا أبو عمرو أحمد بن محمد الجرشي قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن عيسى بن أبي فديك عن عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر قال: نزلت (بِسمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحيمِ) في كل سورة اختلفوا فيها فعند الأكثرين هي مكية من أوائل ما نزل من القرآن.
التوبة
قوله تعالى (وَإِن نَكَثوا أَيمانَهُم مِن بَعدِ عَهدِهِم وَطَعَنوا في دينِكُم فَقاتِلوا أَئَّمَةَ الكُفرِ) قال ابن عباس: نزلت في أبي سفيان بن حرب والحرث بن هشام وسهيل بن عمرو وعكرمة بن أبي جهل وسائر رؤساء قريش الذين نقضوا العهد وهم الذين هموا بإخراج الرسول.
قوله تعالى (ما كانَ لِلمُشرِكينَ أَن يَعمُروا مَساجِدَ اللهِ) قال المفسرون لما أسر العباس يوم بدر أقبل عليه المسلمون فعيروه بكفره وقطيعة الرحم وأغلظ علي له القول فقال العباس: ما لكم تذكرون مساوينا ولا تذكرون محاسننا فقال له علي: ألكم محاسن قال: نعم إنا لنعمر المسجد الحرام ونحجب الكعبة ونسقي الحاج ونفك العاني فأنزل الله عز وجل رداً على العباس (ما كانَ لِلمُشرِكينَ أَن يَعمُروا) الآية.
قوله تعالى ( أَجَعَلتُم سِقايَةِ الحاجِّ) الآية. أخبرنا أبو إسحاق الثعالبي رحمه الله قال: أخبرنا عبد الله بن حامد الوزان قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله المنادي قال: أخبرنا أبو داود سليمان بن الأشعث قال: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي قال: حدثنا معاوية بن سلام عن زيد بن سلام عن أبي سلام قال: حدثنا معمر بن بشير قال: كنت عند منبر رسول الله r فقال رجل ما أبالي أن لا أعمل عملاً بعد أن أسقي الحاج وقال الآخر: ما أبالي أن لا أعمل عملاً بعد أن أعمر المسجد الحرام وقال آخر: الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم فزجرهم عمر وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله r وهو يوم الجمعة ولكني إذا صليت دخلت فاستفتيت رسول الله r فيما اختلفتم فيه ففعل فأنزل الله تعالى (أَجَعَلتُم سِقايَةَ الحاجِّ وَعِمارَةِ المَسجِدِالحَرامِ) إلى قوله تعالى (وَاللهُ لا يَهدي القَومَ الظالِمينَ). رواه مسلم عن الحسن بن علي الحلواني عن أبي توبة.
وقال ابن عباس في رواية الوالبي: قال العباس بن عبد المطلب حين أسر يوم بدر: لئن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد لقد كنا نعمر المسجد الحرام ونسقي الحاج ونفك العاني فأنزل الله تعالى (أَجَعَلتُم سِقايَةَ الحاجِّ وَعِمارَةَ المَسجِدِ الحَرامِ) الآية.
وقال الحسن والشعبي والقرظي: نزلت الآية في علي والعباس وطلحة بن شيبة وذلك أنهم افتخروا فقال طلحة: أنا صاحب البيت بيدي مفتاحه وإلي ثياب بيته وقال العباس: أنا صاحب السقاية والقائم عليها وقال علي ما أدري ما تقولان لقد صليت ستة أشهر قبل الناس وأنا صاحب الجهاد فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال ابن سيرين ومرة الهمذاني: قال علي للعباس: ألا تهاجر ألا تلحق بالنبي r فقال: ألست في أفضل من الهجرة ألست أسقي حاج بيت الله وأعمر المسجد الحرام فنزلت هذه الآية.
قوله تعالى (يا أُيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَتَّخِذوا آَباءَكُم وَإِخوانَكُم) الآية قال الكلبي: لما أمر رسول الله r بالهجرة إلى المدينة جعل الرجل يقول لأبيه وأخيه وامرأته: إنا قد أمرنا بالهجرة فمنهم من يسرع إلى ذلك ويعجبه ومنهم من يتعلق به زوجته وعياله وولده فيقولون: نشدناك الله أن تدعنا إلى غير شيء فنضيع فيرق فيجلس معهم ويدع الهجرة فنزلت يعاتبهم (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَتَّخِذوا آَباءَكُم وَإِخوانَكُم) الآية. ونزلت في الذين تخلفوا بمكة ولم يهاجروا قوله تعالى (قُل إِن كانَ آَباؤُكُم وَأَبناؤُكُم) إلى قوله (فَتَرَبَّصوا حَتّى يَأَتِيَ اللهُ بِأَمرِهِ) يعني القتال وفتح مكة.
قوله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا إِن كَثيراً مِنَ الأَحبارِ وَالرُهبانِ لَيَأَكُلونَ أَموالَ الناسِ بِالباطِلِ) نزلت في العلماء والقراء من أهل الكتاب كانوا يأخذون الرشا من سفلتهم وهي المأكل التي كانوا يصيبونها من عوامهم.
قوله تعالى (وَالَّذينَ يَكنِزونَ الذَهَبَ وَالفِضَّة وَلا يُنفِقونَها في سَبيلِ اللهِ) الآية. أخبرنا أبو إسحاق المقري قال: أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم قال: حدثنا محمد بن نصير قال: حدثنا عمرو بن زرارة قال: حدثنا هشيم قال: حدثنا حصين عن زيد بن وهب قال: مررت بالزبدة فإذا أنا بأبي ذر فقلت له: ما أنزلك هذا قال: كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في هذه الآية (وَالَّذينَ يَكنِزونَ الذَهبَ وَالفِضَّةَ وَلا يُنفِقونَها في سَبيلِ اللهِ) فقال معاوية: نزلت في أهل الكتاب فقلت: نزلت فينا وفيهم وكان بيني وبينه كلام في ذلك وكتب إلى عثمان يشكو مني وكتب إلي عثمان أن أقدم المدينة فقدمتها وكثر الناس علي حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك فذكرت ذلك لعثمان فقال إن شئت تنحيت وكنت قريباً فذلك الذي أنزلني هذا المنزل ولو أمروا علي حبشياً لسمعت وأطعت رواه البخاري عن قيس عن جرير عن حصين. ورواه أيضاً عن علي عن هشيم.
والمفسرون أيضاً مختلفون فعند بعضهم أنها في أهل الكتاب خاصة. وقال السدي: هي في أهل القبلة. وقال الضحاك: هي عامة في أهل الكتاب والمسلمين. قال وقال عطاء ابن عباس في قوله تعالى (وَالَّذينَ يَكنِزونَ الذَهَبَ وَالفِضَّةَ) قال: يريد من المؤمنين.
أخبرنا أبو الحسين أحمد بن إبراهيم النجار قال: حدثنا سليمان بن أيوب الطبراني قال: حدثنا محمد بن داود بن صدقة قال: حدثنا عبد الله بن معافى قال: حدثنا شريك عن محمد بن عبد الله المرادي عن عمرو بن مرة عن سالم بن أبي جعدة عن ثوبان قال: لما نزلت (وَالَّذينَ يَكنِزونَ الذَهَبَ وَالفِضَّةَ) قال رسول الله r : تباً للذهب والفضة قالوا: يا رسول الله فأي المال نكنز قال: قلباً شاكراً ولساناً ذاكراً وزوجة صالحة.
قوله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا ما لَكُم إِذا قيلَ لَكُم اِنفِروا) الآية. نزلت في الحث على غزوة تبوك وذلك أن رسول الله r لما رجع من الطائف وغزوة حنين أمر بالجهاد لغزو الروم وذلك في زمان عسرة من البأس وجدب من البلاد وشدة من الحر حين أخرقت النخل وطابت الثمار فعظم على الناس غزو الروم وأحبوا الظلال والمقام في المساكن والمال وشق عليهم الخروج إلى القتال فلما علم الله تثاقل الناس أنزل هذه الآية.
قوله تعالى (اِنفِروا خِفافاً وَثِقالاً) نزلت في الذين اعتذروا بالضيعة والشغل وانتشار الأمر فأبى الله أن يعذرهم دون أن ينفروا على ما كان منهم.
أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى قال: أخبرنا أبو عمرو بن مطر قال: حدثنا إبراهيم بن علي قال: حدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن جدعان عن أنس قال: قرأ أبو طلحة (اِنفِروا خِفافاً وَثِقالاً) فقال: ما أسمع الله عذر أحداً فخرج مجاهداً إلى الشام حتى مات.
وقال السدي: جاء المقداد بن الأسود إلى رسول الله r وكان عظيماً ثميناً فشكا إليه وسأله أن يأذن له فنزلت فيه (اِنفِروا خِفافاً وَثِقالاً) فلما نزلت هذه الآية اشتد شأنها على الناس فنسخها الله تعالى وأنزل (لَّيسَ عَلى الضُعفاءِ وَلا عَلى المَرضى) الآية ثم أنزل في المتخلفين عن غزوة تبوك من المنافقين قوله تعالى (لَو كانَ عَرَضاً قَريباً) الآية. وقوله تعالى (لَو خَرَجوا فيكُم مّا زادُوكُم إِلا خَبالاً) وذلك أن رسول الله r لما خرج عسكره على ثنية الوداع وضرب عبد الله بن أبي عسكره على ذي حده أسفل من ثنية الوداع ولم يكن بأقل العسكرين فلما سار رسول الله r تخلف عنه عبد الله بن أبي بمن تخلف من المنافقين وأهل الريب فأنزل الله تعالى يعزي نبيه (لَو خَرَجوا فيكُم مّا زادُوكُم إِلّا خَبالاً) الآية.
قوله تعالى (وَمِنهُم مَّن يَقُولُ اِئذَن لّي) الآية. نزلت في جد بن قيس المنافق وذلك أن رسول الله r لما تجهز لغزوة تبوك قال له: يا أبا وهب هل لك في جلاد بني الأصفر تتخذ منهم سراري ووصفاء فقال: يا رسول الله لقد عرف قومي أني رجل مغرم بالنساء وأني خشيت إن رأيت بنات الأصفر أن لا أصبر عنهن فلا تفتني بهن وائذن لي في القعود عنك وأعينك بمالي فأعرض عنه النبي r وقال: قد أذنت لك فأنزل الله هذه الآية فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله r لبني سلمة وكان الجد منهم: من سيدكم يا بني سلمة قالوا: الجد بن قيس غير أنه بخيل جبان فقال النبي r : وأي داء أدوأ من البخل بل سيدكم الأبيض الفتى الجعد بشر بن البراء بن معرور فقال
وَقـالَ رَسـولُ الـلـهِ وَالحَقُّ لاحِقٌ
بِـمَّـن قالَ مِنا مَن تَعُدّونَ سَيّدا
فَقُلنا لَـهُ جَـدُّ ِبـنُ قَـيسٍ عَلى الَّذي
نُـبَـخِّـلُهُ فينا وَإِن كانَ أَنكَدا
فَـقـالَ وَأَيُّ الـداءِ أَدوى مِنَ الَّـذي
رَمَـيتُم بِهِ جَـدّاً وَعالى بِها يَدا
وَسُـوِّدَ بِـشـرُ ِبـنُ الـبَـراءِ بِـجُودِهِ
وُحُـقَّ لِـبِـشـرٍ ذِى الـنَدا أَن يُسَوَّدا
وَقالَ خُـذوهُ إِنَّـهُ عــائِدٌ غَــدا إِذا مـا أَتـاهُ الـوَفـدُ أَنـهَـبَ مـالَهُ
وما بعد هذه الآية كلها للمنافقين إلى قوله تعالى (إِنَّما الصَدَقاتُ لِلفُقراءِ) الآية.
قوله تعالى (وَمِنهُم مَن يَلمِزُكَ في الصَدَقاتِ) الآية. أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي قال: حدثنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري قال: بينا رسول الله r يقسم قسماً إذ جاءه ابن ذي الخويصرة التميمي وهو حرقوص بن زهير أصل الخوارج فقال أعدل فينا يا رسول الله فقال: ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل فنزلت (وَمِنهُم مَن يَلمِزُكَ في الصَدَقاتِ) الآية. رواه البخاري عن عبيد بن محمد عن هشام عن معمر.
وقال الكلبي: نزلت في المؤلفة قلوبهم وهم المنافقون قال رجل يقال له أبو الخواصر للنبي عليه قوله تعالى (وَمِنهُم الَّذينَ يُؤذونَ النَبِيَّ وَيَقولونَ هُوَ أُذُنٌ) الآية. نزلت في جماعة من المنافقين كانوا يؤذون الرسول ويقولون ما لا ينبغي قال بعضهم: لا تفعلوا فإنا نخاف أن يبلغه ما تقولون فيقع بنا فقال الجلاس بن سويد نقول ما شئنا ثم نأتيه فيصدقنا بما نقول فإنما محمد أذن سامعة فأنزل الله تعالى هذه الآية. وقال محمد بن إسحاق بن يسار وغيره نزلت في رجل من المنافقين يقال نبتل بن الحارث وكان رجلاً أذلم أحمر العينين أسفع الخدين مشوه الخلقة وهو الذي قال النبي r : من أراد أن ينظر الشيطان فلينظر إلى نبتل بن الحارث وكان ينم حديث النبي r إلى المنافقين فقيل له: لا تفعل فقال: إنما محمد أذن من حدثه شيئاً صدقه نقول ما شئنا ثم نأتيه فنحلف له فيصدقنا فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال السدي: اجتمع ناس من المنافقين فيهم جلاس بن سويد بن الصامت ووديعة بن ثابت فأرادوا أن يقعوا في النبي r وعندهم غلام من الأنصار يدعى عامر بن قيس فحقروه فتكلموا وقالوا: لئن كان ما يقوله محمداً حقاً لنحن أشر من الحمير ثم أتى النبي r فأخبره فدعاهم فسألهم فحلفوا أن عامراً كاذب وحلف عامر أنهم كذبة وقال: اللهم لا تفرق بيننا حتى تبين صدق الصادق من كذب الكاذب فنزلت فيهم (وَمِنهُم الَّذينَ يُؤذونَ النَبِيَّ) ونزل قوله (يَحلِفونَ بِاللهِ لَكُم لِيُرضوكُم).
قوله تعالى (يَحذَرُ المُنافِقونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيهِم سُورةً تُنَبِّئُهُم) الآية. قال السدي: قال بعض المنافقين: والله لوددت أني قدمت فجلدت مائة جلدة ولا ينزل فينا شيء يفضحنا فأنزل الله هذه الآية. وقال مجاهد: كانوا يقولون القول بينهم ثم يقولون عسى الله أن لا يفشي علينا سرنا.
قوله تعالى (وَلَئِن سأَلتَهُم لَيَقولُنَّ إِنَّما كُنّا نَخوضُ وَنَلعَبُ) قال قتادة: بينما رسول الله r في غزوة تبوك وبين يديه ناس من المنافقين إذ قالوا: يرجو هذا الرجل أن يفتح قصور الشام وحصونها هيهات له ذلك فأطلع الله نبيه على ذلك فقال نبي الله: اجلسوا على الركب فأتاهم فقال: قلتم كذا وكذا فقالوا: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال زيد بن أسلم ومحمد بن وهب: قال رجل من المنافقين في غزوة تبوك: ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أكذب ألسناً ولا أجبن عند اللقاء يعني رسول الله r وأصحابه فقال عوف بن مالك: كذبت ولكنك منافق لأخبرن رسول الله r فذهب عوف ليخبره فوجد القرآن قد سبقه فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله r وقد ارتحل وركب ناقته فقال: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب ونتحدث بحديث الركب نقطع به عنا الطريق.
أخبرنا أبو نصير محمد بن عبد الله الجوزقي أخبرنا بشر بن أحمد بن بشر حدثنا أبو جعفر محمد بن موسى الحلواني حدثنا محمد بن ميمون الخياط حدثنا إسماعيل بن داود المهرجاني حدثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر قال: رأيت عبد الله بن أبي يسر قدام النبي r والحجارة تنكته وهو يقول: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب والنبي r يقول: أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون.
قوله تعالى (يَحلِفونَ بِاللهِ ما قالُوا) الآية. قال الضحاك: خرج المنافقون مع رسول الله r إلى تبوك وكانوا إذا خلا بعضهم ببعض سبوا رسول الله r وأصحابه وطعنوا في الدين فنقل ما قالوا حذيفة إلى رسول الله r فقال رسول الله r : يا أهل النفاق ما هذا الذي بلغني عنكم فحلفوا ما قالوا شيئاً من ذلك فأنزل الله تعالى هذه الآية كذاباً لهم.
وقال قتادة ذكر لنا أن رجلين اقتتلا رجلاً من جهينة ورجلاً من غفار فظهر الغفاري على الجهيني فنادى عبد الله بن أبي يا بني الأوس انصروا أخاكم فوالله ما مثلنا ومثل محمد إلا كما قال القائل: سمن كلبك يأكلك فوالله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فسمع بها رجل من المسلمين فجاء إلى رسول الله r فأخبره فأرسل إليه فجعل قوله تعالى (وَهَمُّوا بِما لَم يَنالوا) قال الضحاك: هموا أن يدفعوا ليلة العقبة وكانوا قوماً قد أجمعوا على أن يقتلوا رسول الله r وهم معه يلتمسون غرته حتى أخذ في عقبة فتقدم بعضهم وتأخر بعضهم وذلك كان ليلاً قالوا: إذا أخذ في العقبة دفعناه عن راحلته في الوادي وكان قائده في تلك الليلة عمار بن ياسر وسائقه حذيفة فسمع حذيفة وقع أخفاف الإبل فالتفت فإذا هو بقوم متلثمين فقال: إليكم يا أعداء الله فأمسكوا ومضى النبي عليه الصلاة والسلام حتى نزل منزله الذي أراد فأنزل الله تعالى قوله (وَهَمُّوا بِما لَم يَنالوا).
قوله تعالى (وَمِنهُم مَّن عاهَدَ اللهَ) الآية. أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن الفضل حدثنا أبو عمرو محمد بن جعفر بن مطر قال: حدثنا أبو عمران موسى بن سهل الحوني قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا محمد بن شعيب قال: حدثنا معاذ بن رفاعة السلمي عن أبي عبد الملك علي بن يزيد أنه أخبره عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة الباهلي أن ثعلبة بن حاطب الأنصاري أتى رسول الله r فقال: يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالاً فقال رسول الله r : ويحك يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه ثم قال مرة أخرى: أما ترضى أن تكون مثل نبي الله فوالذي نفسي بيده لو شئت أن تسيل معي الجبال فضة وذهباً لسالت فقال: والذي بعثك بالحق لئن دعوت الله أن يرزقني مالاً لأوتين كل ذي حق حقه فقال رسول الله r : اللهم ارزق ثعلبة مالاً فاتخذ غنماً فنمت كما ينمو الدود فضاقت عليه المدينة فتنحى عنها فنزل وادياً من أوديتها حتى جعل يصلي الظهر والعصر في جماعة ويترك ما سواهما ثم نميت وكثرت حتى ترك الصلاة إلى الجمعة وهي تنمو كما ينمو الدود حتى ترك الجمعة فسأل رسول الله r فقال: ما فعل ثعلبة فقالوا: اتخذ غنماً وضاقت عليه المدينة وأخبروه بخبره فقال: يا ويح ثعلبة ثلاثاً وأنزل الله عز وجل (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةٌ تُطَهِرَهُم وَتُزكيهِم بِها) وأنزل فرائض الصدقة فبعث رسول الله r رجلين على الصدقة رجلاً من جهينة ورجلاً من بني سليم وكتب لهما كيف يأخذان الصدقة وقال لهما: مرا بثعلبة وبفلان رجل من بني سليم فخذا صدقاتهما فخرجا حتى أتيا ثعلبة فسألاه الصدقة وأقرآه كتاب رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال: ما هذه إلا جزية ما هذه إلا أخت الجزية ما أدري ما هذا انطلقا حتى تفرغا ثم عودا إلي فانطلقا وأخبرا السلمي فنظر إلى خيار أسنان إبله فعزلها للصدقة ثم استقبلهم بها فلما رأوها قالوا: ما يجب هذا عليك وما نريد أن نأخذه منك قال: بلى خذوه فإن نفسي بذلك طيبة وإنما هي إبلي فأخذوها منه فلما فرغا من صدقتهما رجعا حتى مرا بثعلبة فقال أروني كتابكما أنظر فيه فقال: ما هذه إلا أخت الجزية انطلقا حتى أرى رأيي فانطلقا حتى أتيا النبي عليه الصلاة والسلام فلما رآهما قال: يا ويح ثعلبة قبل أن يكلمهما ودعا للسلمي بالبركة وأخبروه بالذي صنع ثعلبة والذي صنع السلمي فأنزل الله عز وجل (وَمِنهُم مَن عاهَدَ اللهَ لَئِن آَتانا مِن فَضلِهِ لَنَصَّدَقَنَّ) إلى قوله تعالى (وَبِما كانوا يَكذِبونَ) وعند رسول الله r رجل من أقارب ثعلبة فسمع ذلك فخرج حتى أتى ثعلبة فقال: ويحك يا ثعلبة قد أنزل الله فيك كذا وكذا فخرج ثعلبة حتى أتى النبي عليه الصلاة والسلام فسأله أن يقبل منه صدقته فقال: إن الله قد منعني أن أقبل صدقتك فجعل يحثو التراب على رأسه فقال رسول الله r : هذا عملك قد أمرتك فلم تطعني فلما أبى أن يقبل منه شيئاً رجع إلى منزله وقبض رسول الله r ولم يقبل منه شيئاً ثم أتى أبا بكر رضي الله عنه حين استخلف فقال: قد علمت منزلتي من رسول الله r وموضعي من الأنصار فاقبل صدقتي فقال: لم يقبلها رسول الله وأنا أقبلها فقبض أبو بكر وأبى أن يقبلها فلما ولي عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتاه فقال: يا أمير المؤمنين اقبل صدقتي فقال: لم يقبلها رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا أبو بكر أنا أقبلها منك فلم يقبضها وقبض عمر رضي الله عنه ثم ولي عثمان رضي الله عنه فأتاه فسأله أن يقبل صدقته فقال: رسول الله r لم يقبلها ولا أبو بكر ولا عمر وأنا أقبلها فلم يقبلها عثمان فهلك ثعلبة قوله تعالى (الَّذينَ يَلمِزونَ المُطَّوِّعينَ مِنَ المُؤمِنينَ في الصَدَقاتِ) الآية. أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن جعفر أخبرنا أبو علي الفقيه أخبرنا أبو علي محمد بن سليمان المالكي قال: حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى حدثنا أبو النعمان الحكم بن عبد الله العجلي حدثنا شعبة عن سليمان عن أبي وائل عن ابن مسعود قال: لما نزلت آية الصدقة جاء رجل فتصدق بصاع فقالوا: إن الله لغني عن صاع هذا فنزلت (الَّذينَ يَلمِزونَ المُطَّوِّعينَ مِنَ المُؤمِنينَ في الصَدَقاتِ وَالَّذينَ لا يَجِدونَ إِلّا جُهدَهُم) رواه البخاري عن أبي قدامة عبيد الله بن سعيد عن أبي النعمان. وقال قتادة وغيره: حث رسول الله r على الصدقة فجاء عبد الرحمن بن عوف بأربعة آلاف درهم وقال: يا رسول الله مالي ثمانية آلاف جئتك بنصفها فاجعلها في سبيل الله وأمسكت نصفها لعيالي فقال رسول الله r : بارك الله لك فيما أعطيت وفيما أمسكت فبارك الله في مال عبد الرحمن حتى أنه خلف امرأتين يوم مات فبلغ ثمن ماله لهما مائة وستين ألف درهم وتصدق يومئذ عاصم بن عدي بن العجلان بمائة وسق من تمر وجاء أبو عقيل الأنصاري بصاع من تمر وقال: يا رسول الله بت ليلتي أجر بالجرير أحبلاً حتى نلت صاعين من تمر فأمسكت أحدهما لأهلي وأتيتك بالآخر فأمره رسول الله r أن ينثره في الصدقات فلمزهم المنافقون وقالوا: ما أعطى عبد الرحمن وعاصم إلا رياء وإن كان الله ورسوله غنيين عن صاع أبي عقيل ولكنه أحب أن يزكي نفسه فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قوله تعالى (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحدٍ مِّنهُم مّاتَ أَبَداً). حدثنا إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد الواعظ إملاء أخبرنا يوسف بن عاصم الرازي حدثنا العباس بن الوليد النرسي حدثنا يحيى بن سعيد القطان حدثنا عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: لما توفي عبد الله بن أبي جاء ابنه إلى رسول الله صلوات الله عليه وقال: أعطني قميصك حتى أكفنه فيه وصل عليه واستغفر له فأعطاه قميصه ثم قال: آذني حتى أصلي عليه فآذنه فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر بن الخطاب وقال: أليس قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين فقال: أنا بين خيرتين أستغفر لهم أو لا أستغفر ثم نزلت عليه هذه الآية (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِّنهُم مّات أَبَداً وَلا تُقِم عَلى قَبرِهِ) فترك الصلاة عليهم رواه البخاري عن مسدد ورواه مسلم عن أبي قدامة عبيد الله بن أبي سعيد كلاهما عن يحيى بن سعيد.
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم النصراباذي أخبرنا أبو بكر بن مالك القطيعي حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي عن محمد بن إسحاق حدثني الزهري عن عبد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: لما توفي عبد الله بن أبي دعي رسول الله r للصلاة عليه فقام إليه فلما وقف عليه يريد الصلاة عليه تحولت حتى قمت في صدره فقلت: يا رسول الله أعلى عدو الله عبد الله بن أبي القائل يوم كذا وكذا كذا أعدد أيامه ورسول الله r يبتسم حتى إذا كثرت عليه قال: أخر عني يا عمر إني خيرت فاخترت قد قيل لي (اِستَغفِر لَهُم أَو لا تَستَغفِر لَهُم إِن تَستَغفِر لَهُم سَبعينَ مَرَّةً فَلَن يَغفِرَ اللهُ لَهُم) لو علمت أني إن زدت على السبعين غفر له لزدت قال: صلى r ومشى معه فقام على قبره حتى فرغ منه قال: فعجبت لي وجراءتي على رسول الله r والله ورسوله أعلم. قال: فوالله ما كان إلا يسيراً حتى نزل (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِّنهُم مّاتَ أَبَداً وَلا تُقِم عَلى قَبرِهِ) الآية. فما صلى رسول الله r بعده على منافق ولا قام على قبره حتى قبضه الله تعالى. قال المفسرون: وكلم رسول الله r فيما فعل بعبد الله بن أبي فقال: وما يغني عنه قميصي وصلاتي من الله والله إني كنت أرجو أن يسلم به ألف من قومه.
قوله تعالى (وَلا عَلى الَّذينَ إِذا ما أَتَوكَ لِتَحمِلَهُم) نزلت في البكائين وكانوا سبعة معقل بن يسار وصخر بن خنيس وعبد الله بن كعب الأنصاري وسالم بن عمير وثعلبة بن غنمة وعبد الله بن مغفل أتوا رسول الله r فقالوا: يا نبي الله إن الله عز وجل قد ندبنا للخروج معك فاحملنا على الخفاف المرفوعة والنعال المخصوفة نغزو معك فقال: لا أجد ما أحملكم عليه فتولوا وهم يبكون. وقال مجاهد: نزلت في بني مقرن معقل وسويد والنعمان.
قوله تعالى (الأَعرابُ أَشَدُّ كُفراً وَنِفاقاً) نزلت في أعاريب من أسد وغطفان وأعاريب من أعاريب حاضري المدينة.
قوله تعالى (وَمِمَّن حَولَكُم مِّنَ الأَعرابِ مُنافِقونَ) قال الكلبي: نزلت في جهينة ومزينة وأشجع وأسلم وغفار من أهل المدينة يعني عبد الله بن أبي وجد بن قيس ومعتب بن بشير والجلاس بن سويد وأبي عامر الراهب.
قوله تعالى (وَآَخَرونَ اِعتَرَفوا بِذُنوبِهِم) قال ابن عباس في رواية ابن الوالبي: نزلت في قوم كانوا قد تخلفوا عن رسول الله r في غزوة تبوك ثم ندموا على ذلك وقالوا: نكون في الكن والظلال مع النساء ورسول الله r وأصحابه في الجهاد والله لنوثقن أنفسنا بالسواري فلا نطلقها حتى يكون الرسول هو يطلقها ويعذرنا وأوثقوا أنفسهم بسواري المسجد فلما رجع رسول الله r مر بهم فرآهم فقال: من هؤلاء قالوا: هؤلاء تخلفوا عنك فعاهدوا الله أن لا يطلقوا أنفسهم حتى تكون أنت الذي تطلقهم وترضى عنهم فقال النبي r وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى أؤمر بإطلاقهم رغبوا عني وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين فأنزل الله تعالى هذه الآية فلما نزلت أرسل إليهم النبي صلوات الله عليه وأطلقهم وعذرهم فلما أطلقهم قالوا: يا رسول الله هذه أموالنا التي خلفتنا عنك فتصدق بها عنا وطهرنا واستغفر لنا فقال: ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئاً فأنزل الله عز وجل (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم) الآية. وقال ابن عباس: كانوا عشرة رهط.
قوله تعالى (وَآَخَرونَ مُرجونَ لأَمرِ اللهِ) الآية. نزلت في كعب بن مالك ومرارة بن الربيع أحد بني عمرو بن عوف وهلال بن أمية من بني واقف تخلفوا عن غزوة تبوك وهم الذين ذكروا في قوله تعالى (وَعَلى الثَلاثَةِ الَّذينَ خُلِّفوا) الآية.
قوله تعالى (وَالَّذينَ اِتَّخَذوا مَسجِداً ضِراراً وَكُفراً) قال المفسرون: إن بني عمرو بن عوف اتخذوا مسجد قباء وبعثوا إلى رسول الله r أن يأتيهم فأتاهم فصلى فيه فحسدهم إخوتهم بنو عمرو بن عوف وقالوا: نبني مسجداً ونرسل إلى رسول الله r ليصلي فيه كما يصلي في مسجد إخواننا وليصل فيه أبو عامر الراهب إذا قدم من الشام وكان أبو عامر قد ترهب في الجاهلية وتنصر ولبس المسوح وأنكر دين الحنيفية لما قدم رسول الله r المدينة وعاداه وسماه النبي عليه الصلاة والسلام أبا عامر الفاسق وخرج إلى الشام وأرسل إلى المنافقين أن استعدوا بما استطعتم من قوة وسلاح وابنوا لي مسجداً فإني ذاهب إلى قيصر فآتي بجند الروم فأخرج محمداً وأصحابه فبنوا مسجداً إلى جنب مسجد قباء وكان الذي بنوه اثني عشر رجلاً حزام بن خالد ومن داره أخرج إلى المسجد وثعلبة بن حاطب ومعتب بن قشير وأبو حبيبة بن الأرعد وعباد بن حنيف وحارثة وجارية وابناه مجمع وزيد ونبتل بن حارث ولحاد بن عثمان ووديعة بن ثابت فلما فرغوا منه أتوا رسول الله r فقالوا: إنا بنينا مسجداً لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه فدعا بقميصه ليلبسه فيأتيهم فنزل عليه القرآن وأخبر الله عز وجل خبر مسجد الضرار وما هموا به فدعا رسول الله r مالك بن الدخشم ومعن بن عدي وعامر بن يشكر والوحشي قاتل حمزة وقال لهم: انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه واحرقوه فخرجوا وانطلق مالك وأخذ سعفاً من النخل فأشعل فيه ناراً ثم دخلوا المسجد وفيه أهله فحرقوه وهدموه وتفرق عنه أهله وأمر النبي r أن يتخذ ذلك كناسة تلقى فيها الجيف والنتن والقمامة ومات أبو عامر بالشام وحيداً غريباً.
أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى حدثنا العباس بن إسماعيل بن عبد الله بن ميكال أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى الأهوازي أخبرنا إسماعيل بن زكريا حدثنا داود بن الزبرقان عن صخر بن جويرية عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص عن أبيها قال: إن المنافقين عرضوا بمسجد يبنونه يضاهون به مسجد قباء وهو قريب منه لأبي عامر الراهب يرصدونه إذا قدم ليكون إمامهم فيه فلما فرغوا من بنائه أتوا رسول الله r فقالوا: إنا بنينا مسجداً فصل فيه حتى نتخذه مصلى فأخذ ثوبه ليقوم معهم فنزلت هذه الآية (لا تَقُم فيهِ أَبَداً).
قوله تعالى (إِنَّ اللهَ اِشتَرى مِنَ المُؤمِنينَ أَنفُسَهُم وَأَموالَهُم) الآية. قال محمد بن كعب القرظي: لما بايعت الأنصار رسول الله r ليلة العقبة بمكة وهم سبعون نفساً قال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله اشترط لربك ولنفسك ما شئت فقال: أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم قالوا: فإذا فعلنا ذلك فماذا لنا قال: الجنة قالوا ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل فنزلت هذه الآية.
قوله تعالى (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذينَ آَمَنوا أَن يَستَغفِروا لِلمُشرِكينَ) أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الشيرازي أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن حميرويه الهروي أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخزاعي حدثنا أبو اليمان قال: أخبرني شعيب عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال: لما حضر أبا طالب الوفاة دخل عليه رسول الله r وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية فقال: أي عم قل معي لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله فقال أبو جهل وابن أبي أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به على ملة عبد المطلب فقال النبي r : لأستغفرن لك ما لم أنه عنه فنزلت (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذينَ آَمَنوا أَن يَستَغفِروا لِلمُشرِكينَ وَلَو كانوا أُولِى قُربى مِن بَعدِ ما تَبَيَّنَ لَهُم أَنَّهُم أَصحابُ الجَحيمِ) رواه البخاري عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري. ورواه مسلم عن حرملة عن ابن وهب عن يونس كلاهما عن الزهري.
أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو النيسابوري أخبرنا الحسن بن علي بن مؤمل أخبرنا عمرو بن عبد الله البصري أخبرنا موسى بن عبيدة قال: أخبرنا محمد بن كعب القرظي حدثنا محمد بن عبد الوهاب أخبرنا جعفر بن عون قال: بلغني أنه لما اشتكى أبو طالب شكواه التي قبض فيها قالت له قريش: يا أبا طالب أرسل إلى ابن أخيك فيرسل إليك من هذه الجنة التي ذكرها تكون لك شفاء فخرج الرسول حتى وجد رسول الله r وأبا بكر جالساً معه فقال: يا محمد إن عمك يقول إني كبير ضعيف سقيم فأرسل إلي من جنتك هذه التي تذكر من طعامها وشرابها شيئاً يكون لي فيه شفاء فقال أبو بكر إن الله حرمها على الكافرين فرجع إليهم الرسول فقال: بلغت محمداً الذي أرسلتموني به فلم يحر إلى شيئاً. وقال أبو بكر: إن الله حرمها على الكافرين فحملوا أنفسهم عليه حتى أرسل رسولاً من عنده فوجد الرسول في مجلسه فقال له مثل ذلك فقال له رسول الله r : إن الله حرم على الكافرين طعامها وشرابها ثم قام في إثر الرسول حتى دخل معه بيت أبي طالب فوجده مملوءاً رجالاً فقال: خلوا بيني وبين عمي فقالوا: ما نحن بفاعلين ما أنت أحق به منا إن كانت لك قرابة فلنا قرابة مثل قرابتك فجلس إليه فقال: يا عم جزيت عني خيراً يا عم أعني على نفسك بكلمة واحدة أشفع لك بها عند الله يوم القيامة قال: وما هي يا ابن أخي قال: قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له فقال: إنك لي ناصح والله لولا أن تعير بها فيقال: جزع عمك من الموت لأقررت بها عينك قال: فصاح القوم: يا أبا طالب أنت رأس الحنيفية ملة الأشياخ فقال: لا تحدث نساء قريش أن عمك جزع عند الموت فقال رسول الله r : لا أزال أستغفر لك ربي حتى يردني فاستغفر له بعد ما مات فقال المسلمون ما يمنعنا أن نستغفر لآبائنا ولذوي قراباتنا قد استغفر إبراهيم لأبيه وهذا محمد r يستغفر لعمه فاستغفروا للمشركين حتى نزل (ما كانَ لِلنَّبيِّ وَالَّذينَ آَمَنوا أَن يَستَغفِروا لِلمُشرِكينَ وَلَو كانوا أُولِى قُربى).
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن أحمد الحراني حدثنا محمد بن عبد الله بن نعيم حدثنا محمد بن يعقوب الأموي حدثنا الحر بن نصير حدثنا ابن وهب أخبرنا ابن جريج عن أيوب بن هانيء عن مسروق بن الأجدع عن عبد الله بن مسعود قال: خرج رسول الله r ينظر في المقابر وخرجنا معه فأخذنا مجلسنا ثم تخطى القبور حتى انتهى إلى قبر منها فناجاه طويلاً ثم ارتفع وجئنا ورسول الله r باك فبكينا لبكاء رسول الله r ثم إنه أقبل إلينا فتلقاه عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله ما الذي أبكاك فقد أبكانا وأفزعنا فجاء فجلس إلينا فقال: أفزعكم بكائي فقلنا: نعم فقال: إن القبر الذي رأيتموني أناجي فيه قبر آمنة بنت وهب وإني استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي فيها واستأذنت ربي في الاستغفار لها فلم يأذن لي فيه ونزل (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذينَ آَمَنوا أَن يَستَغفِروا لِلمُشرِكينَ) حتى ختم الآية. (وَما كانَ اِستِغفارُ إِبراهيمَ لأَِبيهِ إِلّا عَن مَّوعِدَةٍ وَعَدَها إِيّاهُ) - فأخذني ما يأخذ الولد للوالدة من الرقة فذلك الذي أبكاني.
قوله تعالى (وَما كانَ المُؤمِنونَ لِيَنفُروا كافَّةً) قال ابن عباس في رواية الكلبي: لما أنزل الله تعالى عيوب المنافقين لتخلفهم عن الجهاد قال المؤمنون: والله لا نتخلف عن غزوة يغزوها رسول الله r ولا سرية أبداً فلما أمر رسول الله r بالسرايا إلى العدو نفر المسلمون جميعاً وتركوا رسول الله r وحده بالمدينة فأنزل الله تعالى هذه الآية.
يونس
بسم اللَّهِ الرحمن الرحيم قوله تعالى (أَكانَ لِلناسِ عَجَباً أَن أَوحَينا إِلى رَجُلٍ مِّنهُم أَن أَنذِرِ الناسَ) الآية. قال ابن عباس: لما بعث الله تعالى محمداً r رسولاً أنكرت الكفار وقالوا: الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً مثل محمد فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قوله تعالى (وَإِذا تُتلى عَلَيهُم آَياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذينَ لا يَرجونَ لِقاءَنا) الآية. قال مجاهد: نزلت في مشركي مكة. قال مقاتل: وهم خمسة نفر عبد الله بن أبي أمية المخزومي والوليد بن المغيرة ومكرز بن حفص وعمرو بن عبد الله بن أبي قيس العامري والعاص بن عامر قالوا للنبي r : ائت بقرآن ليس فيه ترك عبادة اللات والعزى. وقال الكلبي: نزلت في المستهزئين قالوا: يا محمد ائت بقرآن غير هذا فيه ما نسألك.
هود
بسم اللَّهِ الرحمن الرحيم قوله تعالى (أَلا إِنَّهُم يَثنونَ صُدورَهُم) الآية. نزلت في الأخنس بن شريق وكان رجلاً حلو الكلام حلو المنظر يلقى رسول الله r بما يحب ويطوي بقلبه ما يكره. وقال الكلبي: كان يجالس النبي r يظهر له أمراً يسره ويضمر في قلبه خلاف ما يظهر فأنزل الله تعالى (أَلا إِنَّهُم يَثنونَ صُدورَهُم) يقول يكنون ما في صدورهم من العداوة لمحمد r . قوله تعالى (وَأَقِمِ الصَلاةَ طَرَفَيِ النَهارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيلِ إِنَّ الحَسَناتِ يُذهِبنَ السَيِّئاتِ) الآية.
أخبرنا الأستاذ أبو منصور البغدادي قال: أخبرنا أبو عمرو بن مطر قال: حدثنا إبراهيم بن علي قال: حدثنا يحيى بن يحيى قال: حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عبد الله قال: جاء رجل إلى النبي r فقال: يا رسول الله إن عالجت امرأة في أقصى المدينة وإني أصبت منها ما دون أن آتيها وأنا هذا فاقض في ما شئت قال: فقال عمر: لقد سترك الله لو سترت نفسك فلم يرد عليه النبي r فانطلق الرجل فأتبعه رجلاً ودعاه فتلا عليه هذه الآية فقال رجل: يا رسول الله هذا له خاصة قال: لا بل للناس كافة. رواه مسلم عن يحيى. ورواه البخاري من طريق يزيد بن وأخبرنا عمر بن أبي عمر أخبرنا محمد بن مكي أخبرنا محمد بن يوسف أخبرنا محمد بن إسماعيل حدثنا بشر بن يزيد بن زريع قال: حدثنا سليمان التميمي عن أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي r فذكر ذلك له فأنزل الله تعالى هذه الآية (أَقِمِ الصَلاةَ طَرَفَيِ النَهارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيلِ) إلى آخر الآية فقال الرجل: ألي هذه قال: لمن عمل بها من أمتي.
أخبرنا محمد بن موسى بن الفضل قال: حدثنا محمد بن يعقوب الأموي قال: حدثنا العباس الدوري حدثنا أحمد بن حنبل المروزي قال: حدثنا ابن المبارك قال: حدثنا سويد قال: أخبرنا عثمان بن مؤمن عن موسى بن طلحة عن أبي اليسر بن عمرو قال: أتتني امرأة وزوجها بعثه النبي r في بعث فقالت بعني بدرهم تمراً قال: فأعجبتني فقلت: إن في البيت تمراً هو أطيب من هذا فالحقيني فغمزتها وقبلتها فأتيت النبي r فقصصت عليه الأمر فقال: خنت رجلاً غازياً في سبيل الله في أهله بهذا وأطرق عني فظننت أني من أهل النار وأن الله لا يغفر لي أبداً وأنزل الله تعالى (أَقِمِ الصَلاةَ طَرَفَيِ النَهارِ) الآية. فأرسل إلي النبي r فتلاها علي.
أخبرنا نصر بن بكر بن أحمد الواعظ قال: أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن محمد السجزي قال: أخبرنا محمد بن أيوب الرازي قال: أخبرنا علي بن عثمان وموسى بن إسماعيل وعبيد الله بن العاصم واللفظ لعلي قالوا: أخبرنا حماد بن سلمة قال: حدثنا علي بن يزيد عن يوسف بن ماهان عن ابن عباس أن رجلاً أتى عمر فقال: إن امرأة جاءتني تبايعني فأدخلتها الدولج فأصبت منها كل شيء إلا الجماع فقال: ويحك لعلها مغيب في سبيل الله قلت: أجل قال: ائت أبا بكر فقال ما قال لعمر ورد عليه مثل ذلك وقال: ائت رسول الله r فسله فأتى رسول الله r فقال مثل ما قال لأبي بكر وعمر فقال رسول الله r : لعلها مغيب في سبيل الله فقال: نعم فسكت عنه ونزل القرآن (أَقِمِ الصَلاةَ طَرَفَيَ النَهارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيلِ إِنَّ الحَسَناتِ يُذهِبنَ السَيِّئاتِ) فقال الرجل: ألي خاصة يا رسول الله أم للناس عامة فضرب عمر صدره وقال: لا ولا نعمة عين ولكن للناس عامة فضحك رسول الله r وقال: صدق عمر.
أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد الطوسي قال: حدثنا علي بن عمر الحافظ قال: حدثنا الحبر بن إسماعيل المحاملي قال: حدثنا يوسف بن موسى قال: حدثنا جرير عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل أنه كان قاعداً عند النبي r فجاء رجل فقال: يا رسول الله ما تقول في رجل أصاب من امرأة لا تحل له فلم يدع شيئاً يصيبه الرجل من امرأته إلا قد أصابه منها إلا أنه لم يجامعها فقال: توضأ وضوءاً حسناً ثم قم فصل قال: فأنزل الله تعالى هذه الآية (أَقِمِ الصَلاةَ طَرَفَيِ النَهارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيلِ) إلى آخرها فقال معاذ بن جبل: أهي له أم للمسلمين عامة فقال: بل هي للمسلمين عامة.
أخبرنا الأستاذ أبو طاهر الروزباري قال: أخبرنا حاجب بن أحمد قال: أخبرنا عبد الرحيم بن منيب قال: حدثنا الفضل بن موسم الشيباني قال: حدثنا سفيان الثوري عن سماك بن حرب عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن سويد عن ابن مسعود أنه قال: جاء رجل إلى النبي r فقال: يا رسول الله إني أصبت من امرأة غير أني لم آتها فأنزل الله تعالى (أَقِمِ الصَلاةَ طَرَفَيِ النَهارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيلِ إِنَّ الحَسَناتِ يُذهِبنَ السَيِّئاتِ).
قوله تعالى (وَكَأَيِّن مِّن دابَّةٍ لا تَحمِلُ رِزقَها) الآية. أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد التميمي قال: أخبرنا أبو محمد بن حيان قال: أخبرنا أحمد بن جعفر الجمال قال: أخبرنا عبد الواحد بن محمد البجلي قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا الحجاج بن منهال عن الزهري عن عبد الرحيم بن عطاء عن عطاء عن ابن عمر قال: خرجنا مع رسول الله r حتى دخل بعض حيطان الأنصار فجعل يلقط من التمر ويأكل فقال: يا ابن عمر ما لك لا تأكل فقلت:
لا أشتهيه يا رسول الله فقال: لكني أشتهيه وهذه صبيحة رابعة ما ذقت طعاماً ولو شئت لدعوت ربي فأعطاني مثل ملك كسرى وقيصر فكيف بك يا ابن عمر إذا بقيت في قوم يخبئون رزق سنتهم ويضعف اليقين قال: فوالله ما برحنا حتى نزلت (وَكَأَيِّن مِّن دابَّةٍ لّا تَحمِلُ رِزقَها اللهُ يَرزُقُها وَإِيّاكُم وَهُوَ السَميعُ العَليمُ).
يوسف
بسم الِلَّهِ الرحمن الرحيم قوله تعالى (نَحنُ نَقُصُّ عَلَيكَ أَحسَنَ القَصَصِ) الآية. أخبرنا عبد القاهر بن طاهر قال: أخبرنا أبو عمرو بن مطر قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن الحسن القاص قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال: حدثنا عمرو بن محمد القرشي قال: حدثنا خلاد بن مسلم الصفار عن عمرو بن قيس الملائي عن عمرو بن مرة عن مصعب بن سعد عن أبيه سعد بن أبي وقاص في قوله عز وجل (نَحنُ نَقُصُّ عَلَيكَ أَحسَنَ القَصَصِ) قال: أنزل القرآن على رسول الله r فتلاه عليهم زماناً فقالوا: يا رسول الله لو قصصت فأنزل الله تعالى (الَرَ تِلكَ آَياتُ الكِتابِ المُبينِ) إلى قوله (نَحنُ نَقُصُّ عَلَيكَ أَحسَنَ القَصَصِ) الآية فتلاه عليهم زماناً فقالوا: يا رسول الله لو حدثتنا فأنزل الله تعالى (اللهُ نَزَّلَ أَحسَنَ الحَديثِ كِتاباً مُّتَشابِهاً) قال: كل ذلك ليؤمنوا بالقرآن.
رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه عن أبي بكر العنبري عن محمد بن عبد السلام عن إسحاق بن إبراهيم.
وقال عون بن عبد الله: مل أصحاب رسول الله ملة فقالوا: يا رسول الله حدثنا فأنزل الله تعالى (اللهُ نَزَّلَ أَحسَنَ الحَديثِ) الآية قال: ثم إنهم ملوا ملة أخرى فقالوا: يا رسول الله فوق الحديث ودون القرآن يعنون القصص فأنزل الله تعالى (نَحنُ نَقُّصُّ عَلَيكَ أَحسَنَ القَصَصِ) فأرادوا الحديث فدلهم على أحسن الحديث وأرادوا القصص فدلهم على أحسن القصص.