• أسباب النزول
  • معانى الكلمات
  • المكتبة الصوتية
  • 5
1 2 3 4 5

أسباب نزول سور القرآن

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الكريم الوهاب هازم الأحزاب ومنشئ السحاب ومرسل الهباب ومنزل الكتاب. في حوادث مختلفة الأسباب أنزله مفرقاً نجوماً وأودعه أحكاماً وعلوماً قال عز من قائل: (وَقُرآَناً فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلى الناسِ عَلى مُكثٍ وَنَزَّلناهُ تَنزيلاً) أخبرنا الشيخ أبو بكر أحمد بن محمد الأصفهاني قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن حيان قال: حدثنا أبو يحيى الرازي قال: حدثنا سهل بن عثمان العسكري قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا أبو رجاء قال: سمعت الحسن يقول في قوله تعالى (وَقُرآناً فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلى الناسِ عَلى مُكث) ذكر لنا أنه كان بين أوله وآخره ثماني عشرة سنة أنزل عليه بمكة ثماني سنين قبل أن يهاجر وبالمدينة عشر سنين.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الكريم الوهاب هازم الأحزاب ومنشئ السحاب ومرسل الهباب ومنزل الكتاب. في حوادث مختلفة الأسباب أنزله مفرقاً نجوماً وأودعه أحكاماً وعلوماً قال عز من قائل: (وَقُرآَناً فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلى الناسِ عَلى مُكثٍ وَنَزَّلناهُ تَنزيلاً) أخبرنا الشيخ أبو بكر أحمد بن محمد الأصفهاني قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن حيان قال: حدثنا أبو يحيى الرازي قال: حدثنا سهل بن عثمان العسكري قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا أبو رجاء قال: سمعت الحسن يقول في قوله تعالى (وَقُرآناً فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلى الناسِ عَلى مُكث) ذكر لنا أنه كان بين أوله وآخره ثماني عشرة سنة أنزل عليه بمكة ثماني سنين قبل أن يهاجر وبالمدينة عشر سنين.

أخبرنا أحمد قال: أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا أبو يحيى الرازي قال: حدثنا سهل قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير عن هشيم عن داود عن الشعبي قال: فرق الله تنزيله فكان بين أوله وآخره عشرون أو نحو من عشرين سنة أنزله قرآناً عظيماً وذكراً حكيماً وحبلاً ممدوداً وعهداً معهوداً وظلاً عميماً وصراطاً مستقيماً فيه معجزات باهرة وآيات ظاهرة وحجج صادقة ودلالات ناطقة دحض به حجج المبطلين ورد به كيد الكائدين وأيد به الإسلام والدين فلمع منهاجه وثقب سراجه وشملت بركته ولمعت حكمته على خاتم الرسالة والصادع بالدلالة الهادي للأمة الكاشف للغمة الناطق بالحكمة المبعوث بالرحمة فرفع أعلام الحق وأحيا معالم الصدق ودمغ الكذب ومحا آثاره وقمع الشرك وهدم مناره ولم يزل يعارض ببيناته المشركين حتى مهد الدين وأبطل شبه الملحدين صلى الله عليه صلاة لا ينتهي أمدها ولا ينقطع مددها وعلى آله وأصحابه الذين هداهم وطهرهم وبصحبته خصهم وآثرهم وسلم كثيراً.

وبعد هذا فإن علوم القرآن غزيرة وضروبها جمة كثيرة يقصر عنها القول وإن كان بالغاً ويتقلص عنها ذيله وإن كان سابغاً وقد سبقت لي ولله الحمد مجموعات تشتمل على أكثرها وتنطوي على غررها وفيها لمن رام الوقوف عليها مقنع وبلاغ وعما عداها من جميع المصنوعات غنية وفراغ لاشتمالها على أعظمها محققاً وتأديته إلى متأمله متسقاً غير أن الرغبات اليوم عن علوم القرآن صادقة كاذبة فيها قد عجزت قوى الملام عن تلافيها فآل الأمر بنا إلى إفادة المبتدئين المتسترين بعلوم الكتاب إبانة ما أنزل فيه من الأسباب إذ هي أوفى ما يجب الوقوف عليها وأولى ما تصرف العناية إليها لامتناع معرفة تفسير الآية وقصد سبيلها دون الوقوف على قصتها وبيان نزلها. ولا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب وبحثوا عن علمها وجدوا في الطلاب وقد ورد الشرع بالوعيد للجاهل ذي العثار في هذا العلم بالنار.

أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن حامد العطار قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار قال: حدثنا ليث بن حماد قال: حدثنا أبو عوانة عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله r: (اتقوا الحديث إلا ما علمتم فإنه من كذب علي متعمداً فيتبوأ مقعده من النار ومن كذب على القرآن من غير علم فليتبوأ مقعده من النار) والسلف الماضون رحمهم الله كانوا من أبعد الغاية احترازاً عن القول في نزول الآية.

أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبد الله المخلدي قال: اخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال: أخبرنا أبو مسلم قال: حدثنا عبد الرحمن بن حماد قال: حدثنا أبو عمير عن محمد بن سيرين قال: سألت عبيدة عن آية من القرآن فقال: اتق الله وقل سداداً ذهب الذين يعلمون فيما أنزل القرآن. وأما اليوم فكل أحد يخترع شيئاً ويختلق إفكاً وكذباً ملقياً زمامه إلى الجهالة غير مفكر في الوعيد للجاهل بسبب الآية وذلك الذي حدا بي إلى إملاء هذا الكتاب الجامع للأسباب لينتهي إليه طالبوا هذا الشأن والمتكلمون في نزول القرآن فيعرفوا الصدق ويستغنوا عن التمويه والكذب ويجدوا في تحفظه بعد السماع والطلب ولا بد من القول أولاً في مبادئ الوحي وكيفية نزول القرآن ابتداء على رسول الله r وتعهد جبريل إياه بالتنزيل والكشف عن تلك الأحوال والقول فيها على طريق الإجمال ثم نفرع القول مفصلاً في سبب نزول كل آية روى لها سبب مقول مروي منقول والله تعالى الموفق للصواب والسداد والآخذ بنا عن العاثور إلى الجدد.

أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن إبراهيم المقري قال: أخبرنا عبد الله بن حامد الأصفهاني قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ قال: حدثني محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن ابن شهاب الزهري قال: أخبرني عروة عن عائشة أنها قالت اول ما بديء به رسول الله r من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء فكان يأتي حراء فيتحنث فيه وهو التعبد الليالي ذوات العدد ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى فجأه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال: اقرأ فقال رسول الله r: فقلت ما أنا بقارئ قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ فقلت: ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ فقلت: ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد فقال (اِقرَأ بِاِسمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَقَ) حتى بلغ ما لم يعلم فرجع بها يرجف فؤاده حتى دخل على خديجة فقال: زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال: يا خديجة ما لي وأخبرها الخبر وقال: قد خشيت علي فقالت له: كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق رواه البخاري عن يحيى بن بكير ورواه مسلم عن محمد بن رافع كلاهما عن عبد الرزاق.

أخبرنا الشريف إسماعيل بن الحسن بن محمد بن الحسين الطبري قال: أخبرنا جدي أبو حامد أحمد بن الحسن الحافظ قال: حدثنا عبد الرحمن بن بشر قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: إن أول ما نزل من القرآن (اِقرَأ بِاِسمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَقَ) رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه عن أبي بكر الصبغي عن بشر أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المقري قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الجرجاني قال: حدثنا نصر بن محمد الحافظ قال: أخبرنا محمد بن مخلد أن محمد بن إسحاق حدثهم قال: حدثنا يعقوب الدورقي قال: حدثنا أحمد بن نصر بن زياد قال: حدثنا علي بن الحسين بن واقد قال: حدثني أبي قال: حدثني يزيد النحوي عن عكرمة والحسن قالا: أول ما نزل من القرآن (بِسمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحيمِ) فهو أول ما نزل من القرآن بمكة وأول سورة (اِقرَأ بِاِسمِ رَبِّكَ).

أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل التاجي قال: أخبرنا محمد بن محمد بن الحسن الحافظ قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا أبو صالح قال: حدثني الليث قال: حدثني عقيل عن ابن شهاب قال: أخبرني محمد بن عباد بن جعفر المخزومي أنه سمع بعض علمائهم يقول: كان أول ما أنزل الله على رسوله r (اِقرَأ بِاِسمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَقَ خَلَقَ الِإنسانَ ِمن عَلَقٍٍ اِقرَأَ وَرَبُّكَ الأَكرَمُ الَّذي عَلَمَ بِالقَلَمِ عَلَّمَ الِإنسانَ ما لَم يَعلَم) قالوا هذا صدرها أنزل على رسول الله r يوم حراء ثم أنزل آخرها بعد ذلك بما شاء الله. فأما الحديث الصحيح الذي روى أن أول ما نزل سورة المدثر فهو ما أخبرناه الأستاذ أبو إسحاق الثعالبي قال: حدثنا عبد الله بن حامد قال: حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا أحمد بن عيسى بن زيد البينسي قال: حدثنا عمرو بن أبي سلمة عن الأوزاعي قال: حدثني يحيى بن أبي كثير قال: سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن: أي القرآن أنزل قبل قال: يا أيها المدثر: قلت: أو اقرأ باسم ربك قال: سألت جابر بن عبد الله الأنصاري: أي القرآن أنزل قبل قال: يا أيها المدثر قال قلت: أو اقرأ باسم ربك. قال جابر: أحدثكم ما حدثنا رسول الله r قال رسول الله r (إني جاورت بحراء شهراً فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت بطن الوادي فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي ثم نظرت إلى السماء فإذا هو على الفرش في الهواء يعني جبريل فأخذتني رجفة فأتيت خديجة فأمرتهم فدثروني ثم صبوا علي الماء فأنزل الله علي (يا أَيُّها المُدَّثِّرُ قُم فَأَنذِر) رواه مسلم عن زهير بن حرب عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي وهذا ليس بمخالف لما ذكرناه أولاً وذلك أن جابراً لما سمع من النبي r القصة الأخيرة ولم يسمع أولها فتوهم أن سورة المدثر أول ما نزل وليس كذلك ولكنها أول ما نزل عليه بعد سورة اقرأ.

والذي يدل على هذا ما أخبرنا أبو عبد الرحمن بن حامد قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن الزهري قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن جابر قال: سمعت النبي r وهو يحدث عن فترة الوحي فقال في الحديث:

(فبينما أنا أمشي سمعت صوتاً من السماء فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالساً على كرسي بين السماء والأرض فجثثت منه رعباً فرجعت فقلت: زملوني زملوني فدثروني فأنزل الله يا أيها المدثر) رواه البخاري عن عبد الله بن محمد. ورواه مسلم عن محمد بن رافع كلاهما عن عبد الرزاق وبان بهذا الحديث أن الوحي كان قد فتر بعد نزول اقرأ باسم ربك ثم نزل يا أيها المدثر. والذي يوضح ما قلنا إخبار النبي r أن الملك الذي جاء بحراء جالس فدل على أن هذه القصة إنما كانت بعد نزول اقرأ.

أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد المقري قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقري قال: حدثنا أبو الشيخ قال: حدثنا أحمد بن سليمان بن أيوب قال: حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن سفيان قال: حدثنا علي بن الحسين بن واقد قال: حدثني أبي قال: سمعت علي بن الحسين يقول: أول سورة نزلت على رسول الله r بمكة: اقرأ باسم ربك وآخر سورة نزلت على رسول الله r بمكة: المؤمنون ويقال العنكبوت وأول سورة نزلت بالمدينة: ويل للمطففين وآخر سورة نزلت في المدينة براءة وأول سورة علمها رسول الله r بمكة: والنجم وأشد آية على أهل النار (فَذوقوا فَلَن نَزيدَكُم إِلاعَذابا) وأرجى آية في القرآن لأهل التوحيد (إِنَّ اللهَ لايَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ ما دونَ ذَلِكَ) الآية. وآخر آية نزلت على رسول الله r (وَاِتَّقوا يَوماً تُرجَعونَ فيهِ إِلى اللهِ) وعاش النبي r بعدها تسع ليال.

وقال النووي في قوله r: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر كقوله الله تعالى: (وَثَمانِيَةَ أَيّامٍ) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول:

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ قال: حدثنا محمد قال: أخبرنا أبو عمرو بن مطر قال: أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي قال: حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا شعبة قال: حدثنا أبو إسحاق قال: سمعت البراء بن عازب يقول: آخر آية نزلت (يَستَفتونَكَ قُلِ اللهُ يُفتيكُم في الكَلالَةِ) وآخر سورة أنزلت: براءة. رواه البخاري في التفسير عن سليمان بن حرب عن شعبة. ورواه في موضع آخر عن أبي الوليد. ورواه مسلم عن بندار عن غندر عن شعبة.

أخبرنا أبو بكر التميمي قال: أخبرنا أبو محمد الجياني قال: حدثنا أبو يحيى الرازي قال: حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثنا ابن المبارك عن جبير عن الضحاك عن ابن عباس قال: آخر آية نزلت (وَاِتَّقوا يَوماً تُرجَعونَ فيهِ إِلى اللهِ).

أخبرنا محمد بن عبد الرحمن النحوي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن سنان المقري قال: أخبرنا أحمد بن علي الموصلي قال: حدثنا أحمد بن الأحمش قال: حدثنا محمد بن فضيلة قال: حدثنا الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله (وَاِتَّقوا يَوماً تُرجَعونَ فيهِ إِلى اللهِ) قال: ذكروا هذه الآية وآخر آية من سورة النساء نزلت آخر القرآن.

أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الصوفي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب قال: حدثنا الحسن بن عبد الله العبدي قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا شعبة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس عن أبي بن كعب أنه قال: آخر آية نزلت على عهد رسول الله r (لَقَد جاءَكُم رَسولُ مِّن أَنفُسِكُم) وقرأها إلى آخر السورة رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه عن الأصم عن بكار بن قتيبة عن أبي عامر العقدي عن شعبة.

أخبرني أبو عمرو محمد بن العزيز في كتابه أن محمد بن الحسين الحدادي أخبرهم عن محمد بن يزيد قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا وكيع عن شعبة عن علي بن يزيد عن يونس بن ماهك عن أبي بن كعب قال: أحدث القرآن بالله عهداً (لَقَد جاءَكُم رَسولٌ مِّن أَنفُسِكُم) الآية وأول يوم أنزل فيه يوم الإثنين أخبرنا أبو إسحاق الثعالبي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن زكريا الشيباني قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي قال: حدثنا بن أبي خثيم قال: حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا مهدي بن ميمون قال: حدثنا غيلان بن جرير عن عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة أن رجلاً قال: يا رسول الله أرأيت صوم يوم الإثنين قال فيه أنزل القرآن وأول شهر أنزل فيه القرآن شهر رمضان قال الله تعالى ذكره (شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أُنزِلَ فيهِ القُرآنُ) أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان النضروي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن مياسر قال: حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله قال: حدثنا عبد الله بن جابر بن الهيثم الغداني قال: حدثنا عمران عن قتادة عن أبي المليح عن واثلة أن النبي r قال: (نزلت صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان وأنزل التوراة لست مضين من رمضان وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من شهر رمضان وأنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان)

أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المقري قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الجرجاني قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الرحمن الجوهري قال: حدثنا محمد بن يحيى بن منده قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: حدثنا بشر بن عمار عن أبي رزق عن الضحاك عن ابن عباس أنه قال: أول ما نزل به جبريل على النبي r قال: يا محمد استعذ ثم قل ( بسم الله الرحمن الرحيم).

أخبرنا أبو عبد الله بن إسحاق قال: حدثنا إسماعيل بن أحمد الخلال قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن زيدان البجلي قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كان رسول الله r لا يعرف ختم السورة حتى ينزل عليه (بِسمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحيمِ).

أخبرنا عبد القادر بن طاهر البغدادي قال: أخبرنا محمد بن جعفر بن مطر قال: أخبرنا إبراهيم بن علي الرملي قال: حدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا عمرو بن الحجاج العبدي عن عبد الله بن أبي حسين ذكر عن عبد الله بن مسعود قال: كنا لا نعلم فصل ما بين السورتين حتى نزل (بِسمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحيمِ).

أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن جعفر قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا أبو عمرو أحمد بن محمد الجرشي قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن عيسى بن أبي فديك عن عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر قال: نزلت (بِسمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحيمِ) في كل سورة اختلفوا فيها فعند الأكثرين هي مكية من أوائل ما نزل من القرآن.



الحديد

بسم اللَّهِ الرحمن الرحيم. قوله تعالى (لا يَستَوي مِنكُم مَّن أَنفَقَ مِن قَبلِ الفَتحِ) الآية. روى محمد بن فضيل عن الكلبي أن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه ويدل على هذا ما أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن عبد الله السليطي قال: حدثنا عثمان بن سلمان البغدادي قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم المخزومي قال: حدثنا عمر بن حفص الشيباني قال: حدثنا عبد العلاء بن عمرو قال: حدثنا أبو إسحاق الفزاري عن سفيان الثوري عن آدم بن علي عن ابن عمر قال: بينا النبي r جالس وعنده أبو بكر الصديق وعليه عباءة قد خلها على صدره بخلال إذ نزل عليه جبريل عليه السلام فأقرأه من الله السلام وقال: يا محمد ما لي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خلها على صدره بخلال فقال: يا جبريل أنفق ماله قبل الفتح علي قال: فأقرئه من الله سبحانه وتعالى السلام وقل له: يقول لك ربك: أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط فالتفت النبي r إلى أبي بكر فقال: يا أبا بكر هذا جبريل يقرئك من الله سبحانه السلام ويقول لك ربك: أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط فبكى أبو بكر وقال: على ربي أغضب أنا عن ربي راض أنا عن ربي راض.

قوله تعالى (أَلَم يَأنِ لِلَّذينَ آَمَنوا أَن تَخشَعَ قُلوبُهُم لِذِكرِ اللهِ) الآية. قال الكلبي ومقاتل: نزلت في المنافقين بعد الهجرة بسنة وذلك أنهم سألوا سلمان الفارسي ذات يوم فقالوا: حدثنا عما في التوراة فإن فيها العجائب فنزلت هذه الآية. وقال غيرهما: نزلت في المؤمنين.

أخبرنا عبد القاهر بن طاهر قال: أخبرنا أبو عمرو بن مطر قال: أخبرنا جعفر بن محمد الفريابي قال: حدثنا إسحاق بن راهويه قال: حدثنا عمرو بن محمد القرشي قال: حدثنا خلاد بن الصفار عن عمرو بن قيس الملائي عن عمرو بن مرة عن مصعب بن سعد عن سعد قال: أنزل القرآن زماناً على رسول الله r فتلاه عليهم زماناً فقالوا: يا رسول الله لو قصصت فأنزل الله تعالى (نَحنُ نَقُصُّ عَلَيكَ أَحسَنَ القَصَصِ) فتلاه عليهم زماناً فقالوا: يا رسول الله لو حدثتنا فأنزل الله تعالى (اللهُ نَزَّلَ أَحسَنَ الحَديثِ) قال: كل ذلك يؤمرون بالقرآن قال خلاد: وزاد فيه آخر قالوا: يا رسول الله لو ذكرتنا فأنزل الله تعالى (أَلَم يَأنِ لِلَّذينَ آَمَنوا أَن تَخشَعَ قُلوبُهُم لِذِكرِ اللهِ).

المجادلة

بسم اللَّهِ الرحمن الرحيم. قوله تعالى (قَد سَمِعَ اللهُ قَولَ الَّتي تُجادِلُكَ في زَوجِها) الآية. أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن الغازي قال: أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري قال: أخبرنا أحمد ابن علي بن المثنى قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن أبي عبيدة قال: حدثنا أبي عن الأعمش عن تميم بن سلمة عن عروة قال: قالت عائشة: تبارك الذي وسع سمعه كل شيء إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى علي بعضه وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله r وهي تقول: يا رسول الله أبلى شبابي ونثرت له بطني حتى إذا كبر سني وانقطع ولدي ظاهر مني اللهم إني أشكو إليك قال: فما برحت حتى نزل جبريل عليه السلام بهذه الآيات (قَد سَمِعَ اللهُ قَولَ الَّتي تُجادِلُكَ في زَوجِها وَتَشتَكي إِلى اللهِ) رواه أبو عبد الله في صحيحه عن أبي محمد المزني عن مطر عن أبي كريب عن محمد بن أبي عبيدة.

أخبرنا أبو بكر بن الحارث قال: أخبرنا أبو الشيخ الحافظ الأصفهاني قال: أخبرنا عبدان بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد. قال: أخبرنا ابن عيسى الرملي قال: أخبرنا الأعمش عن تميم بن سلمة عن عروة عن عائشة قالت: الحمد لله الذي توسع لسمع الأصوات كلها لقد جاءت المجادلة فكلمت رسول الله r وأنا في جانب البيت لا أدري ما يقول فأنزل الله تعالى (قَد سَمِعَ اللهُ قَولَ الَّتي تُجادِلُكَ في زَوجِها).

قوله تعالى (الَّذينَ يُظاهِرونَ مِنكُم مِّن نِّسائِهِم) الآية. أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد المنصوري قال: أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن زياد النيسابوري قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الأشعث قال: أخبرنا محمد بن بكار قال: أخبرنا سعيد بن بشير أنه سأل قتادة عن الظهار قال: فحدثني أن أنس بن مالك قال: إن أوس بن الصامت ظاهر من امرأته خويلة بنت ثعلبة فشكت ذلك إلى النبي r فقالت: ظاهر مني حين كبر سني ورق عظمي فأنزل الله تعالى آية الظهار فقال رسول الله r لأوس: أعتق رقبة فقال: ما لي بذلك يدان قال: فصم شهرين متتابعين قال: أما إني إذا أخطأني أن لا آكل في اليوم كل بصري قال: فأطعم ستين مسكيناً قال: لا أجد إلا أن تعينني منك بعون وصلة قال: فأعانه رسول الله r بخمسة عشر صاعاً حتى جمع أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حامد العدل قال: أخبرنا محمد بن محمد بن عبد الله بن زكريا قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن سيار قال: أخبرنا أبو الأصبع الحراني قال: أخبرنا محمد بن مسلمة عن محمد بن إسحاق عن معمر بن عبيد الله بن حنظلة عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال: حدثتني خويلة بنت ثعلبة وكانت عند أوس بن الصامت أخى عبادة بن الصامت قالت: دخل علي ذات يوم وكلمني بشيء وهو فيه كالضجر فراددته فغضب فقال: أنت علي كظهر أمي ثم خرج في نادي قومه ثم رجع إلي فراودني عن نفسي فامتنعت منه فشادني فشاددته فغلبته بما تغلب به المرأة الرجل الضعيف فقلت: كلا والذي نفس خويلة بيده لا تصل إلي حتى يحكم الله تعالى في وفيك بحكمه ثم أتيت النبي r أشكو ما لقيت فقال: زوجك وابن عمك اتقي الله وأحسني صحبته فما برحت حتى نزل القرآن (قَد سَمِعَ اللهُ قَولَ الَّتي تُجادِلُكَ في زَوجِها) إلى (إِنَّ اللهَ سَميعٌ َبصيرٌ) حتى انتهى إلى الكفارة قال: مريه فليعتق رقبة قلت: يا نبي الله والله ما عنده رقبة يعتقها قال: مريه فليصم شهرين متتابعين قلت: يا نبي الله شيخ كبير ما به من صيام قال: فليطعم ستين مسكيناً قلت: يا نبي الله والله ما عنده ما يطعم قال: بلى سنعينه بعرق من تمر مكتل يسع ثلاثين صاعاً قالت: وأنا أعينه بعرق آخر قال: قد أحسنت فليتصدق.

قوله تعالى (أَلَم تَرَ إِلى الَّذينَ نُهُوا عَنِ النَجوى) قال ابن عباس ومجاهد: نزلت في اليهود والمنافقين وذلك أنهم كانوا يتناجون فيما بينهم دون المؤمنين وينظرون إلى المؤمنين ويتغامزون بأعينهم فإذا رأى المؤمنون نجواهم قالوا: ما نراهم إلا وقد بلغهم عن أقربائنا وإخواننا الذين خرجوا في السرايا قتل أو موت أو مصيبة أو هزيمة فيقع ذلك في قلوبهم ويحزنهم فلا يزالون كذلك حتى يقدم أصحابهم وأقرباؤهم فلما طال ذلك وكثر شكوا إلى رسول الله r فأمرهم أن يتناجوا دون المسلمين فلم ينتهوا عن ذلك وعادوا إلى مناجاتهم فأنزل الله تعالى هذه الآية.

قوله تعالى (وَإِذا جاءُوكَ حَيَّوكَ بِما لَم يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ). أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الخشاب قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله الأصفهاني قال: أخبرنا محمد بن إسحاق السراج قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: أخبرنا جرير عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة قالت: جاء ناس من اليهود إلى النبي r فقالوا: السلام عليك يا أبا القاسم فقلت: السلام عليكم وفعل الله بكم فقال رسول الله r : مه يا عائشة فإن الله تعالى لا يحب الفحش ولا التفحش فقلت: يا رسول الله ألست أدرى ما يقولون قال: ألست ترين أرد عليهم ما يقولون أقول: وعليكم ونزلت هذه الآية في ذلك (وَإِذا أخبرنا أبو سعيد محمد بن عبد الرحمن الغازي قال: أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري قال: أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال: أخبرنا زهير بن محمد قال: أخبرنا يونس بن محمد قال: أخبرنا شيبان عن قتادة عن أنس أن يهودياً أتى النبي r فقال: السلام عليك فرد القوم فقال نبي الله r : هل تدرون ما قال قالوا الله ورسوله أعلم يا نبي الله قال: لا ولكن قال كذا وكذا ردوه علي فردوه عليه فقال: قلت السلام عليكم قال: نعم فقال نبي الله r عند ذلك: إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا: أي عليك ما قلت ونزل قوله تعالى (وَإِذا جاءُوكَ حَيَّوكَ بِما لَم يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ).

قوله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا إِذا قيلَ لَكُم تَفَسَّحوا في المَجالِسِ فافسَحوا يَفسَحِ اللهُ لَكُم) الآية. قال مقاتل: كان النبي r في الصفة وفي المكان الضيق وذلك يوم الجمعة وكان رسول الله r يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار فجاء ناس من أهل بدر وقد سبقوا إلى المجلس فقاموا حيال النبي r على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم فلم يفسحوا لهم وشق ذلك على رسول الله r فقال لمن حوله من غير أهل بدر: قم يا فلان وأنت يا فلان فأقام من المجلس بقدر النفر الذي قاموا بين يديه من أهل بدر فشق ذلك على من أقيم من مجلسه وعرف النبي r الكراهية في وجوههم فقال المنافقون للمسلمين ألستم تزعمون أن صاحبكم يعدل بين الناس والله ما عدل على هؤلاء قوم أخذوا مجالسهم وأحبهم القرب من نبيهم أقامهم وأجلس من أبطأ عنهم مقامهم فأنزل الله تعالى هذه الآية.

قوله عز وجل (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا إِذا ناجَيتُمُ الرَسولَ) الآية. قال مقاتل بن حيان: نزلت الآية في الأغنياء وذلك أنهم كانوا يأتون النبي r فيكثرون مناجاته ويغلبون الفقراء على المجالس حتى كره رسول الله r ذلك من طول جلوسهم ومناجاتهم فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية وأمر بالصدقة عند المناجاة فأما أهل العسرة فلم يجدوا شيئاً وأما أهل الميسرة فبخلوا واشتد ذلك على أصحاب النبي r فنزلت الرخصة.

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا إِذا ناجَيتُمُ الرَسولَ) كان لي دينار فبعته وكنت إذا ناجيت الرسول تصدقت بدرهم حتى نفد فنسخت بالآية الأخرى (أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّموا بَينَ يَدَي نَجواكُم صَدَقاتٍ).

قوله عز وجل (أَلَم تَرَ إِلى الَّذينَ تَوَلَّوا قَوماً غَضِبَ اللهُ عَلَيهِم) الآيات إلى قوله (وَيَحسَبونَ أَنَّهُم عَلى شَيءٍ أَلا إِنَّهُم هُمُ الكاذِبونَ) وقال السدي ومقاتل: نزلت في عبد الله بن نبتل المنافق كان يجالس النبي r ثم يرفع حديثه إلى اليهود فبينا رسول الله r في حجرة من حجره إذ قال: يدخل عليكم الآن رجل قلبه قلب جبار وينظر بعيني شيطان فدخل عبد الله بن نبتل وكان زرق فقال له رسول الله r : يا غلام تشتمني أنت وأصحابك فحلف بالله ما فعل ذلك فقال له النبي r : فعلت. فانطلق فجاء بأصحابه فحلفوا بالله ما سبوه. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى أخبرنا محمد بن جعفر بن مطر أخبرنا محمد بن جعفر الفريابي أخبرنا أبو جعفر النفيلي. أخبرنا زهير بن معاوية أخبرنا سماك بن حرب قال: حدثني سعيد بن جبير أن ابن عباس حدثه أن رسول الله r كان في ظل حجرة من حجره وعنده نفر من المسلمين قد كاد الظل يقلص عنهم فقال لهم: إنه سيأتيكم إنسان ينظر إليكم بعين شيطان وإذا أتاكم فلا تكلموه فجاء رجل أزرق فدعاه رسول الله r وكلمه فقال: علام تشتمني أنت وفلان وفلان نفر دعا بأسمائهم فانطلق الرجل فدعاهم فحلفوا بالله واعتذروا إليه فأنزل الله تعالى (يَومَ يَبعَثُهُمُ اللهُ جَميعاً فَيَحلِفونَ لَهُ كَما يَحلِفونَ لَكُم وَيَحسَبونَ أَنَّهُم عَلى شَيءٍ أَلا إِنَّهُمُ هُمُ الكاذِبونَ) رواه الحاكم في صحيحه عن قوله تعالى (لا تَجِدُ قَوماً يُؤمِنونَ بِاللهِ وَاليَومَ الآَخَرِ يُوادّونَ مَن حادَّ اللهَ وَرَسولَهُ) الآية. قال ابن جريج: حدثت أن أبا قحافة سب النبي r فصكه أبو بكر صكة شديدة سقط منها ثم ذكر ذلك للنبي r قال: أوفعلته قال: نعم قال: فلا تعد إليه فقال أبو بكر: والله لو كان السيف قريباً مني لقتلته. فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية.

وروى عن ابن مسعود أنه قال: نزلت هذه الآية في أبي عبيدة بن الجراح قتل أباه عبد الله بن الجراح يوم أحد. وفي أبي بكر دعا ابنه يوم بدر إلى البراز فقال: يا رسول الله دعني أكن في الرعلة الأولى فقال له رسول الله r : متعنا بنفسك يا أبا بكر أما تعلم أنك عندي بمنزلة سمعي وبصري وفي مصعب بن عمير قتل أخاه عبيد بن عمير يوم أحد. وفي عمر قتل خاله العاص بن هشام بن المغيرة يوم بدر وفي علي وحمزة قتلوا عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة يوم بدر وذلك قوله (وَلَو كانوا ءَاباءَهُم أَو أَبناءَهُم أَو إِخوانَهُم أَو عَشيرَتُهُم).

الحشر

بسم اللَّهِ الرحمن الرحيم. قوله تعالى (هُوَ الَّذي أَخرَجَ الَّذينَ كَفَروا مِن أَهلِ الكِتابِ) الآية. قال المفسرون: نزلت هذه الآية في بني النضير وذلك أن النبي r لما قدم المدينة صالحه بنو النضير على أن لا يقاتلوه ولا يقاتلوا معه وقبل رسول الله r ذلك منهم فلما غزا رسول الله r بدراً وظهر على المشركين قالت بنو النضير: والله إنه النبي الذي وجدنا نعته في التوراة لا ترد له راية فلما غزا أحداً وهزم المسلمون نقضوا العهد وأظهروا العداوة لرسول الله r والمؤمنين فحاصرهم رسول الله r ثم صالحهم عن الجلاء من المدينة.

أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد الفارسي أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل التاجر أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ أخبرنا محمد بن يحيى أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن ابن كعب بن مالك عن رجل من أصحاب النبي r : أن كفار قريش كتبوا بعد وقعة بدر إلى اليهود إنكم أهل الحلقة والحصون وإنكم لتقاتلن صاحبنا أو لنفعلن كذا ولا يحول بيننا وبين خدم نسائكم وبين الخلاخل شيء فلما بلغ كتابهم اليهود أجمعت بنو النضير الغدر وأرسلوا إلى النبي r : أن اخرج إلينا في ثلاثين رجلاً من أصحابك وليخرج معنا ثلاثون حبراً حتى نلتقي بمكان نصف بيننا وبينك ليسمعوا منك فإن صدقوك وآمنوا بك أمنا بك كلنا فخرج النبي r في ثلاثين من أصحابه وخرج إليه ثلاثون حبراً من اليهود حتى إذا برزوا في براز من الأرض قال بعض اليهود لبعض كيف تخلصون إليه ومعه ثلاثون رجلاً من أصحابه كلهم يحب أن يموت قبله فأرسلوا كيف نتفق ونحن ستون رجلاً اخرج في ثلاثة من أصحابك وتخرج إليك ثلاثة من علمائنا إن آمنوا بك آمنا بك كلنا وصدقناك فخرج النبي r في ثلاثة من أصحابه وخرج ثلاثة من اليهود واشتملوا على الخناجر وأرادوا الفتك برسول الله r فأرسلت امرأة ناصحة من بني النضير إلى أخيها وهو رجل مسلم من الأنصار فأخبرته خبر ما أراد بنو النضير من الغدر برسول الله r وأقبل أخوها سريعاً حتى أدرك النبي r فساره بخبرهم فرجع النبي r فلما كان من الغد عدا عليهم بالكتائب فحاصرهم فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء على أن لهم ما أقلت الإبل إلا الحلقة وهي السلاح وكانوا يخربون بيوتهم ويأخذون ما وافقهم من خشبها فأنزل الله تعالى (لِلَّهِ ما في السَمَواتِ وَما في الأَرضِ) حتى بلغ (واللهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ).

قوله تعالى (ما قَطَعتُم مِّن لِّينَةٍ) الآية. وذلك أن رسول الله r لما نزل ببني النضير وتحصنوا في حصونهم أمر بقطع نخيلهم وإحراقها فجزع أعداء الله عند ذلك وقالوا: زعمت يا محمد أنك تريد الصلاح أفمن الصلاح عقر الشجر المثمر وقطع النخيل وهل وجدت فيما زعمت أنه أنزل عليك الفساد في الأرض فشق ذلك على النبي r فوجد المسلمون في أنفسهم من قولهم وخشوا أن يكون ذلك فساداً واختلفوا في ذلك فقال بعضهم: لا تقطعوا فإنه مما أفاء الله علينا. وقال بعضهم: بل اقطعوا فأنزل الله تبارك وتعالى (ما قَطَعتُم مِّن لِّينَةٍ) الآية. تصديقاً لمن نهى عن قطعه وتحليلاً لمن قطعه وأخبر أن قطعه وتركه بإذن الله تعالى.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الداركي أخبرنا والدي أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي أخبرنا قتيبة أخبرنا الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله r حرق نخل بني النضير وقطع وهي البويرة فأنزل الله تعالى (ما قَطَعتُم مِّن لِّينَةٍ أَو تَرَكتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصولُها فَبِإِذنِ اللهِ وَليُخزِيَ الفاسِقينَ) رواه البخاري ومسلم عن قتيبة.

أخبرنا أبو بكر بن الحارث أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر أخبرنا أبو يحيى الرازي أخبرنا سهل بن عثمان أخبرنا عبد الله بن المبارك عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله r قطع نخيل بني النضير وحرق وهي البويرة ولها يقول حسان:

حَـريقٌ بِـالـبُـوَيرَةِ مُـسـتَــطـــيرُ وَهـانَ عَـلـى سُـراةِ بَـنـي لُـؤَيٍ

وفيها نزلت الآية (ما قَطَعتُم مِّن لِّينَةٍ أَو تَرَكتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصولِها) رواه مسلم عن سعيد بن منصور عن ابن المبارك وأخبرنا أبو بكر أخبرنا عبد الله أخبرنا سلم بن عصام أخبرنا رسته أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي أخبرنا محمد بن ميمون التمار أخبرنا جرموز عن حاتم النجار عن عكرمة عن ابن عباس قال: جاء يهودي إلى النبي r قال: أنا أقوم فأصلي قال: قدر الله لك ذلك أن تصلي قال: أنا أقعد قال: قدر الله لك أن تقعد قال: أنا أقوم إلى هذه الشجرة فأقطعها قال: قدر الله لك أن تقطعها قال: فجاء جبريل عليه السلام فقال: يا محمد لقنت حجتك كما لقنها إبراهيم على قومه وأنزل الله تعالى (ما قَطَعتُم مِّن لِّينَةٍ أَو تَرَكتُموها قائِمَةٍ عَلى أُصولِها فَبِإِذنِ اللهِ وَليُخزي الفاسِقينَ) يعني اليهود.

قوله تعالى (وَالَّذينَ تَبَوَّءُوا الدارَ وَالإِيمانَ مِن قَبلِهِم) الآية. روى جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم أن الأنصار قالوا: يا رسول الله اقسم بيننا وبين إخواننا من المهاجرين الأرض نصفين قال: ولكنهم يكفونكم المؤونة وتقاسمونهم الثمرة والأرض أرضكم قالوا: رضينا فأنزل الله تعالى (وَالَّذينَ تَبَوَءُوا الدارَ وَالإِيمانَ مِن قَبلِهِم).

قوله تعالى (وَيُؤثِرونَ عَلى أَنفُسِهِم وَلو كانَ بِهِم خَصاصَةٌ). أخبرنا سعد بن أحمد بن جعفر المؤذن. أخبرنا أبو علي الفقيه. أخبرنا محمد بن منصور بن أبي الجهم السبيعي أخبرنا نصر بن علي الجهضمي أخبرنا عبد الله بن داود عن فضيل بن غزوان عن أبي حازم عن أبي هريرة أن رسول الله r دفع إلى رجل من الأنصار رجلاً من أهل الصفة فذهب به الأنصاري إلى أهله فقال للمرأة: هل من شيء قالت: لا إلا قوت الصبية قال: فنوميهم فإذا ناموا فأتيني فإذا وضعت فاطفئي السراج قال: ففعلت وجعل الأنصاري يقدم إلى ضيفه ما بين يديه ثم غدا به إلى رسول الله r فقال: لقد عجب من فعالكما أهل السماء ونزلت (وَيُؤثِرونَ عَلى أَنفُسِهِم وَلَو كانَ بِهِم خَصاصَةٌ) رواه البخاري عن مسدد عن عبد الله بن داود. ورواه مسلم عن أبي كريب عن وكيع كلاهما عن فضيل بن غزوان.

أخبرنا أبو عبد الله بن إسحاق المزكي. أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد الله السليطي. أخبرنا أبو العباس بن عيسى بن محمد المروزي. أخبرنا المسخر بن الصلت. أخبرنا القاسم بن الحكم العربي أخبرنا عبيد الله بن الوليد عن محارب بن دثار عن عبد الله بن عمر قال: أهدي لرجل من أصحاب رسول الله r رأس شاة فقالت: إن أخي فلاناً وعياله أحوج إلى هذا منا فبعث به إليه فلم يزل يبعث به واحداً إلى الآخر حتى تداوله سبعة أهل أبيات حتى رجعت إلى أولئك قال: فنزلت (وَيُؤثِرونَ عَلى أَنفُسِهِم) إلى آخر الآية.

الممتحنة

بسم اللَّهِ الرحمن الرحيم. قوله عز وجل (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَتَّخِذوا عَدُوُّي وَعَدُوَّكُم أَولِياءَ) الآية. قال جماعة من أهل المفسرين: نزلت في حاطب بن أبي بلتعة وذلك أن سارة مولاة أبي عمر بن صهيب بن هشام بن عبد مناف أتت رسول الله r من مكة إلى المدينة ورسول الله r يتجهز لفتح مكة فقال لها: أمسلمة جئت قالت لا قال: فما جاء بك قالت أنتم الأهل والعشيرة والموالي وقد احتجت حاجة شديدة فقدمت عليكم لتعطوني وتكسوني قال لها: فأين أنت من شباب أهل مكة وكانت مغنية قالت: ما طلب مني شيء بعد وقعة بدر فحث رسول الله r بني عبد المطلب فكسوها وحملوها وأعطوها فأتاها حاطب بن أبي بلتعة وكتب معها إلى أهل مكة وأعطاها عشرة دنانير على أن توصل إلى أهل مكة وكتب في الكتاب: من حاطب إلى أهل مكة إن رسول الله r يريدكم فخذوا حذركم فخرجت سارة ونزل جبريل عليه السلام فأخبر النبي r بما فعل حاطب فبعث رسول الله r علياً وعماراً والزبير وطلحة والمقداد بن الأسود وأبا مرثد وكانوا كلهم فرساناً وقال لهم انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن فيها ظعينة معها كتاب من حاطب إلى المشركين فخذوه منها وخلوا سبيلها فإن لم تدفعه إليكم فاضربوا عنقها فخرجوا حتى أدركوها في ذلك المكان فقالوا لها: أين الكتاب فحلفت بالله ما معها كتاب ففتشوا متاعها فلم يجدوا معها كتاباً فهموا بالرجوع فقال علي والله ما كذبنا ولا كذبنا وسل سيفه وقال: أخرجي الكتاب وإلا والله لأجزرنك ولأضربن عنقك فلما رأت الجد أخرجته من ذؤابتها قد خبأته في شعرها فخلوا سبيلها ورجعوا بالكتاب إلى رسول الله r فأرسل رسول الله r إلى حاطب فأتاه فقال له: هل تعرف الكتاب قال: نعم قال: فما حملك على ما صنعت فقال: يا رسول الله والله ما كفرت منذ أسلمت ولا غششتك منذ نصحتك ولا أحببتهم منذ فارقتهم ولكن لم يكن أحد من المهاجرين إلا وله بمكة من يمنع عشيرته وكنت غريباً فيهم وكان أهلي بين ظهرانيهم فخشيت على أهلي فأردت أن أتخذ عندهم يداً وقد لمت أن الله ينزل بهم بأسه وكتابي لا يغني عنهم شيئاً فصدقه رسول الله r وعذره فنزلت هذه السورة (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَتَّخِذوا عَدُوّي وَعَدُوَّكُم أَولِياءَ) فقام عمر بن الخطاب فقال: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق فقال رسول الله r : وما يدريك يا عمر. لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال لهم: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.

أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن بن محمد أخبرنا محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن الحسن بن محمد أخبرنا محمد بن يعقوب بن علي بن عبيد الله بن أبي رافع قال: سمعت علياً يقول: بعثنا رسول الله r أنا والزبير والمقداد قال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن فيها ظعينة معها كتاب فقلنا لها: لتخرجن الكتاب أو لتلقين الثياب فأخرجته من عقاصها فأتينا به رسول الله r فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين ممن بمكة يخبر بعض أمر النبي r فقال: ما هذا يا حاطب فقال: لا تعجل علي إني كنت امرأ ملصقاً في قريش ولم أكن من نفسها وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها قراباتهم ولم يكن لي بمكة قرابة فأحببت إذ فاتني ذلك أن أتخذ عندهم يداً والله ما فعلته شاكاً في ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام فقال رسول الله r : إنه قد صدق فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق فقال: إنه قد شهد بدراً وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ونزلت (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَتَّخِذوا عَدُوّي وَعَدُوَّكُم أَولِياءَ تُلقونَ إِلَيهِم بِالمَوَدَّةِ) رواه البخاري عن حميد ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وجماعة كلهم عن سفيان.

قوله عز وجل (قَد كانَت لَكُم أُسوَةٌ حَسَنَةٌ في إِبراهيمَ وَالَّذينَ مَعَهُ) يقول الله تعالى للمؤمنين: لقد كان لكم في إبراهيم ومن معه من الأنبياء والأولياء اقتداء بهم في معاداة ذوي قراباتهم من المشركين فلما نزلت هذه الآية عادى المؤمنون أقرباءهم المشركين في الله وأظهروا لهم العداوة والبراءة وعلم الله تعالى شدة وجد المؤمنين بذلك فأنزل الله تعالى (عَسى اللهُ أَن يَجعَلَ بَينَكُم وَبَينَ الَّذينَ عادَيتُم مِنهُم مَوَدَّةً) ثم فعل ذلك بأن أسلم كثير منهم وصاروا لهم أولياء وإخواناً وخالطوهم وناكحوهم وتزوج رسول الله r أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب فلان لهم أبو سفيان وبلغه ذلك فقال: ذاك الفحل لا يقرع أنفه.

أخبرنا أبو صالح منصور بن عبد الوهاب البزار أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري أخبرنا أبو يعلى أخبرنا إبراهيم بن الحجاج أخبرنا عبد الله بن المبارك عن مصعب بن ثابت عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: قدمت قتيلة بنت عبد العزى على ابنتها أسماء بنت أبي بكر بهدايا وضباب وسمن وأقط فلم تقبل هداياها ولم تدخلها منزلها فسألت لها عائشة النبي r عن ذلك فقال (لا يَنهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذينَ لَم يُقاتِلُوكُم في الدينِ) الآية.

فأدخلتها منزلها وقبلت منها هداياها. رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه عن أبي العباس السياري عن عبد الله الغزال عن أبي سفيان عن ابن المبارك.

قوله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا إِذا جاءَكُمُ المُؤمِناتُ مُهاجِراتٍ فَاِمتَحِنوهُنَّ اللهُ أَعلَمُ بِإِيمانِهِنَّ) الآية. قال ابن عباس: إن مشركي مكة صالحوا رسول الله r عام الحديبية على أن من أتاه من أهل مكة رده إليهم ومن أتى أهل مكة من أصحابه فهو لهم وكتبوا بذلك الكتاب وختموه فجاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية بعد الفراغ من الكتاب والنبي r بالحديبية فأقبل زوجها وكان كافراً فقال: يا محمد رد علي امرأتي فإنك قد شرطت لنا أن ترد علينا من أتاك منا وهذه طينة الكتاب لم تجف بعد فأنزل الله تعالى هذه الآية.

أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ أخبرنا محمد بن يحيى أخبرنا حسن بن الربيع بن الخشاب أخبرنا ابن إدريس قال: قال محمد بن إسحاق حدثني الزهري قال: دخلت على عروة بن الزبير وهو يكتب إلى ابن هند صاحب الوليد بن عبد الملك يسأله عن قوله (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا إِذا جاءَكُمُ المُؤمِناتُ مُهاجِراتٍ فَاِمتَحِنوهُنَّ) قال: وكتب إليه أن رسول الله r صالح قريشاً يوم الحديبية على أن يرد عليهم من جاء بغير إذن وليه فلما هاجرن النساء أبى الله تعالى أن يرددهن إلى المشركين إذا هن امتحن فعرفوا أنهن إنما جئن رغبة في الإسلام برد أصدقاتهن إليهم إذا احتبسن عنهم إذا هم ردوا على المسلمين أصدقة من حبسوا من نسائهم قال: وذلك حكم لله يحكم بينكم فأمسك رسول الله r النساء ورد الرجال.

قوله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَتَوَلَّوا قَوماً غَضِبَ اللهُ عَلَيهِم) الآية. نزلت في ناس من فقراء المسلمين كانوا يخبرون اليهود بأخبار المسلمين وتواصلوا بهم فيصيبون بذلك من ثمارهم فنهاهم الله تبارك وتعالى عن ذلك.